ياسر أيوب يكتب : شورت جديد لسيادة الوزير

٥/ ١٢/ ٢٠١٠

لأن حمود عباد.. وزير الرياضة والشباب فى اليمن.. كان هو الوجه الأبرز فى الصورة وأكثر من تكلم عن المنتخب اليمنى قبل انطلاق بطولة كأس الخليج.. زار اللاعبين فى معسكرهم.. شد من أزرهم وتحدث معهم ونقل لهم فى كل مرة تحيات الرئيس.. وبالتالى أصبح الوزير هو المتهم الأول وأكثر المغضوب عليهم فى بلاده بعد مستوى هزيل ونتائج محبطة للمنتخب اليمنى فى بطولة كأس الخليج التى استضافتها بلاده.. لكن الوزير لم يقتنع بذلك كالعادة.. ولم يجد ما يقوله إلا أنه ما كان ليتردد فى ارتداء شورت وقميص والنزول إلى الملعب مع بقية اللاعبين إن كان ذلك سيؤدى إلى نتائج أفضل مع منتخب بلاده.. وبالطبع كان الوزير يسخر من كل منتقديه، والذين عاتبوه وهاجموه بعد سوء مستوى ونتائج المنتخب.. فالوزير قطعا هو آخر من يصلح للعب، ولو لبس الشورت كانت الفضيحة ستغدو أشد قبحا وأكثر قسوة.. ولن يأتى شورت جديد لسيادة الوزير بأى إنجاز أو تغيير..

لكن الحقيقة أن ما قاله الوزير كان قمة السخرية من الوزير نفسه ومعظم المسؤولين عن الرياضة وكرة القدم فى كل البلدان العربية.. الذين يحبون فى البداية أن يصبحوا مسؤولين عن كل شىء.. فى يدهم كل المفاتيح وكل القرارات دون أن يعارضهم أو يناقشهم أو يشاركهم أى أحد.. فإن تحقق الانتصار كان لابد من تقديم التهنئة والإشادة لهؤلاء الوزراء والمسؤولين.. وإن كانت الهزيمة أو السقوط.. يجرى الوزراء والمسؤولون أنفسهم ليصرخوا مؤكدين أنهم مثل الناس.. فوجئوا بما جرى.. رغم أنهم قدموا كل الدعم اللازم ووفروا الفرصة والمناخ وعوامل كان لابد أن تأتى بالفوز.. ولو كان اليمن قد فاز بكأس الخليج.. لوجدت حمود عباد يتحدث للصحافة وتليفزيون بلاده باعتباره صانع الانتصار وصاحبه.. أما وقد حدث العكس تماما..

فالوزير فجأة ينفض يديه من الأمر كله ويحمل المسؤولية كلها فجأة للاعبى المنتخب واتحاد الكرة فى بلاده.. وبإمكانكم الآن أن تلتفتوا حولكم وتتخيلوا كم وزير أو مسؤول مصرى وعربى.. فى الرياضة وغير الرياضة أيضا.. كان هو الظاهر والقائد والآمر وصاحب الأمر طول الحكاية.. ثم يقرر فجأة أن ينفض يديه من الأمر كله عند الإخفاق والفشل ليبدى دهشته واستغرابه مما جرى كأنه كان مثلنا فقط يكتفى بالمشاهدة والمتابعة.. بينما فى أوروبا والولايات المتحدة.. لم يوجه الإعلام والناس أى اتهام لرؤساء حكومات أوروبا أو لسيد البيت الأبيض بعد الإخفاق فى طلب استضافة كأس العالم.. لأن الكل كان يعرف منذ البداية أن هؤلاء المسؤولين الكبار كانوا فقط يساعدون ويحاولون دون أن يكونوا هم أصحاب القرار.. وإنما كان لكل ملف رئيس ومسؤول ليس هو حاكم البلاد أو حتى الوزير المختص.. ولم يقل رئيس أى ملف منهم إنه يعمل فى ضوء توجيهات الرئيس..

ولم يتحدث أى رئيس للحكومة أو البلاد أو ملك عن الملف بأكثر مما تحدث الرئيس.. بل إن رئيس الوزراء الروسى فلاديمير بوتين لم يسافر إلى زيوريخ قائلا إنه لم يذهب حتى لا يدفع ثمن فشل الملف الروسى عند الإخفاق وحتى لا يسرق فرحة النجاح من الذين قادوا الملف وتعبوا كثيرا وطويلا فى إعداده وتسويقه.. كما أن فلورنتينو بيريز.. رئيس ريال مدريد.. لم تفكر مدريد كلها فى توجيه أى انتقاد له رغم إحساس العاصمة الإسبانية بالحزن والمرارة بعد الخسارة بخمسة أهداف موجعة من برشلونة.. فالناس كلها تعرف أن بيريز هو رئيس النادى.. لكنه ليس له أى دور مباشر فى إدارة شؤون الفريق.. وبالتالى كان كل العتاب واللوم للاعبين وحدهم ولمدربهم جوزيه مورينيو..

ولو كان ريال مدريد هو الذى فاز ما كان - أيضا - ليهنئه أحد.. ولم يكن ليجرى ويتكلم عن انتصار ناديه وقوته وقدرته.. وهو ما جرى بالضبط على الناحية الأخرى.. وأتحداكم لو كنتم رأيتم صورة واحدة لروسيل رئيس برشلونة بعد هذا الانتصار الكبير.. إنما هو جوارديولا المدرب وميسى وبقية اللاعبين زملائه.. فالذى سيأخذ الوردة عند الانتصار هو الذى سيقبل السكين عند الخسارة.. لكن فى بلادنا.. دائما الورود لهم والسكاكين لنا فى ظهورنا وفى قلوبنا طول الوقت.

نقلا عن جريدة المصرى اليوم

» ياسر أيوب يكتب: تحت القبة
» ياسر أيوب يكتب : قطر ومونديالها
» ياسر أيوب يكتب: مصر ضحية المصريين