ياسر أيوب يكتب: مصر ضحية المصريين

٩/ ١٢/ ٢٠١٠

هل تستحق مصر منا ذلك.. كل هذا الإحباط والرفض والتشفى فيها والسخرية منها والانتقاص من قدرها ومكانتها كلما جاءتنا أول فرصة؟! مصر لم ولن تكون أبدا هى هؤلاء الذين نكرههم ولم نعد نحترمهم أو نطيقهم ونثق فى أنهم هم الذين أفسدوا علينا حياتنا وحاضرنا وسرقوا منا المستقبل والأحلام.. هؤلاء ليسوا مصر وليسوا رموزا لمصر أو معانى لها.. مصر التى تعيش فينا ليست هذه الوجوه والأسماء.. وإذا كنا طول الوقت نرفض اعتبار أن أى مساس بأى من المسؤولين الكبار فى بلادنا وكأنه مساس ببلادنا، لأننا نرى أن مصر أكبر من اختصارها أو تجسيدها فى أى شخص..

فلماذا نناقض أنفسنا الآن وطول الوقت ونهين مصر حين تخسر من الجزائر، أو نلعن مصر حين تفوز قطر بتنظيم المونديال، نكاية فى هؤلاء الذين نكرههم وكأنهم هم مصر؟! يا سادتى.. مصر كبيرة جدا حتى وإن خسرت ألف مباراة للكرة.. مصر غالية جدا حتى وإن فازت قطر بكأس العالم للكرة وليست استضافتها فقط.. فلا تحنوا رؤوسكم ولا تشعروا بكل هذا الخزى والعار.. ولست أبرر لكم أو أمامكم كل الخطايا التى ارتكبها الكبار أو الذين كانوا كبارا..

ولكننى فقط أطالبكم بألا تجعلوا مصر تدفع ثمن خطاياهم وضعفكم وقلة حيلتكم وهوانكم على أنفسكم وعلى كباركم.. مصر بريئة منهم ومنكم.. مصر لم تنل صفرا فى سباق المونديال، إنما كان صفر المسؤولين وقتها عن ملف المونديال، ورغم ذلك رفضنا محاسبتهم رغم أن رئيس الوزراء البريطانى يصر حاليا على محاسبة وعقاب مسؤولى الملف الإنجليزى واتحاد الكرة هناك بتهمة الإهمال والتقصير.. مصر ليست هى التى خسرت أمام قطر،

إنما الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا واليابان.. ورغم ذلك لم يجلد الأمريكيون أنفسهم ولا انتحر اليابانيون نفسيا ومعنويا مثلما نفعل نحن الآن وطول الوقت.. مصر لم تكن هى التى ذهبت تستجدى الهدايا فى دبى عقب الفوز بكأس الأمم وليست هى التى ستذهب بعد أيام تتسول فى الدوحة هدايا وأموالاً تحت دعوى مباراة ودية ومشاركة مصرية فى الفرحة.. مصر خسرت أمام الجزائر ولكنها عادت وفازت عليها..

والمشكلة أنكم لم تعودوا تتذكرون إلا الهزائم ولا تفتشون إلا عن الفضائح، لتندبوا حظوظكم وتلطموا خدودكم وتلعنوا مصر وتسخروا من مصريتكم.. إعلامكم كتب عن اتهام حسن مصطفى بالسرقة أضعاف ما تمت كتابته عن نجاح نفس الرجل الساحق فى الفوز، ثم الاحتفاظ بمقعد رئيس الاتحاد الدولى لليد..

ولم يكتب هذا الإعلام حرفا واحدا عن أدهم شرارة، رئيس الاتحاد الدولى لتنس الطاولة، أو حسام مصطفى، رئيس الاتحاد الدولى للكرة الطائرة للمعاقين، فنحن لا نحب أن نكتب إلا عن المواجع ولحظات الهوان.. أما أوقات الفرحة والانتصار والكبرياء، فلم نعد نحفل بها، لأننا لم نعد نؤمن بمصريتنا وبأن هناك مصريين كثيرين أقوياء ومنتصرين وقادرين.. رانيا علوانى بكل نجاحاتها فى اللجنة الأوليمبية الدولية لا تشغلنا كثيرا..

ولا خالد مرتجى بكل نجاحاته فى الفيفا.. أو خالد زين، الذى أصبح المدير المباشر للشؤون الرياضية الأوليمبية فى كل الدول الأفريقية كسكرتير عام للأنوكا.. ولا نجاح أى مصرى فى أى ساحة رياضية دولية أو أفريقية.. بل إننا أفرطنا وأطلنا فى الحديث عن ميدو، حين توالت خطاياه وسقطاته، ثم تجاهلناه تماما حين عاد للتألق مع أياكس أمستردام.. ولا ننتبه أبدا إلى انتصارات عشرات المصريين فى مختلف ملاعب العالم ولكن يعنينا فقط خلافات إبراهيم حسن وأزمات الأهلى وديون وتبرعات الزمالك وفضائح الجبلاية..

كأنه اتفاق عام بيننا كلنا على ألا نجرى ونهتم إلا بكل ما يسىء إلينا ويؤلمنا.. وأنا أفهم أن نطارد الفساد والأخطاء طول الوقت وأن نصرخ ونبكى أيضا لسوء الأحوال وانكسار الرجال أمام الرغبات والمطامع.. ولكن دون أن نتخيل أن مصر لم تعد تملك إلا هؤلاء الفاسدين وهذا الفساد.. وليس هذا صحيحا.. مصر باقية ودائمة مهما هانت عليكم أو هنتم أنتم على أنفسكم.

نقلا عن جريدة المصرى اليوم

» ياسر أيوب يكتب: تحت القبة
» ياسر أيوب يكتب : قطر ومونديالها
» ياسر أيوب يكتب : الخروج على النص