التحرش .. ظاهرة جديدة على المجتمع

وخلال ثلاثة أشهر فقط تم الإبلاغ عن 38 قضية تحرش تعرضت لها المرأة المصرية، ومع ذلك فالمسكوت

أين ذهب وقار شوارعنا القديمة وحوارينا الطيبة ؟ لماذا باتت طرقاته مسرحاً : كل حكاياه هزلية . ومشاهده صوراً شاذة خالية من الذوق والجمال ؟
فالمشهد يحوى ألفاظاً لم يعرفها الشارع من قبل واذا ما وصلت يوماً الى مسامعه كانت تصل على استحياء , فكيف صارت جزءاً من القاموس اليومى للمارين بالشارع والعابرين 0
وبالمشهد أيادٍ تمتد .. تسرق عفةِ العابرين ؛ تنتهك خصوصيتها ؛ تخون
معتقداتنا وأعرافنا تخون حلالنا ؛ تخون ما تربينا عليه .. فأين ذهب أمان الشارع القديم ؟؟
التحرش الجنسى .. كلمة ثقيلة فى وقعها ؛ تتكرر باستمرار هذه الأيام ؛ فمن أين دخلت قاموسنا العربى ونحن أول من احترم المرأة وكتب فى عفتها وصونها ألاف الكتب وملاين القصائد .
التحرش الجنسى وفقاً ل" ويكيبيديا " هو نوع من المضايقة او الفعل غير المرحب به من النوع الجنسى يتضمن مجموعة من الأفعال والإنتهاكات تتدرج من البسيطة الى الجادة التي من الممكن أن تتضمن التلفظ بتلميحات جنسية أو إباحية، وصولا إلى النشاطات الجنسية .. وهو شكل من أشكال الإيذاء الجسدي (الجنسي والنفسي) والإستئساد على الغير.
ويعرف المركز المصري لحقوق المرأة التحرش الجنسي بأنه " كل سلوك غير لائق له طبيعة جنسية يضايق المرأة أو يعطيها إحساسا بعدم الأمان
أما عن اين يتم التحرش الجنسى فحدث ولا حرج .. فالمرأة قد تتعرض للتحرش يومياً فى المواصلات العامة ؛ فى العمل ؛ فى متاجر التسوق ؛ فى اماكن التنزه وربما تكون جالسة فى منزلها و تنتهك خصوصيتها مكالمة تليفونية فاضحة أو نظرة ذات مغزى ترمى بها عينٌ متلصصة .
ولا يرتبط التحرش الجنسى ارتباطاً وثيقاً بنوع الملابس التى ترتديها الضحية أو جمالها اوعمرها ؛ فهناك أطفال يتم التحرش بهم وهناك سيدات كبيرات فى العمر ؛ وهناك محجبات ومنتقبات لديهن نفس الشكوى .

التحرش الجماعى ظاهرة مقلقة فى المجتمع المصرى :

لا أحد يدرى على وجه التحديد من أين أتت تلك الجرأة الملعونة من بعض الشباب صغير السن على إتيان فعل التحرش بطريقة جماعية وفى أكثر الأماكن والأيام إزدحاماً فمنذ عدة سنوات بدأ يعانى المجتمع المصرى من تجمع للصبية فى المتنزهات أو أمام دور السينما بغرض التحرش بأى فتاة أو مجموعة من الفتيات تحت سمع وبصر الجميع " إن لم تستحِ فافعل ما شئت "فما ان يروا فتاة إلا ويتكالبوا عليها لمساً ومسكاً وشداً وتمزيقاً للملابس وقد يصل الأمر الى هتك العرض !!

اما عن الأسباب التى تدفع الى التحرش فهى ..
بخلاف ان يكون المتحرش مريض نفسياً فإن أكثر الحالات ليست لمرضى وإنما تكمن اسبابها فى تدهور منظومة القيم التى كانت تحكم المجتمع المصرى .
قلة الوازع الدينى مع انتشار المواد الإباحية وسهولة تداولها
الإنحطاط الثقافى حيث تعيش مصر أحط عصورها الثقافية على الإطلاق ؛ مما سمح بظهور اغانى وأفلام ومواد دعائية وبرامج كلها تهبط بالذوق العام ولا تنميه .
استفحال العشوائيات مما يساهم فى نشر ثقافة العشوائيات فى كل شىء .. تلك الثقافة التى لا تشجع بالمرة على الإعلاء من شأن الجمال .
الخطاب الدينى المتشدد والذى يحث على أن المرأة عورة وهى بيت المتعة وإذا خرجت من بيتها فإنها تحض على الرزيلة وإثارة الشهوات .
يقف فى الجهة المقابلة خطاب إعلامى يؤكد ذلك بطرق إخرى وهو يصر على إظهار المرأة كمادة دعائية للجنس والمتعة .
وقد يساعد لبس المرأة وطريقة مشيها فى الشارع وضحكاتها الى استمالة البعض للتحرش بها .
انتشار المخدرات .
غياب الأمن
عدم وجود مراكز للشباب تهتم بتوجيه طاقات الشباب الى وجهاتها الحقيقية .

حجم الظاهرة وأبعادها :
بالرغم من وجود احصاءات ودراسات وضحت أبعاد الظاهرة إلا أنها لا تغطى الإحصائيات الحقيقية لمثل هذه الظاهرة حيث أن الضحايا تتجنب الإبلاغ أو الإعتراف أو حتى الشكوى لذلك فالإحصائيات بدورها لن تعكس الواقع كما ينبغى ..
نشرت جريدة المصرى ان 30% من حالات التحرش تكون لفظية أى أن المتحرش يتعمد أن يخدش حياء الضحية بكلمات جنسية نابية .
كما اشارت الجريدة إلى أن 40% من حالات التحرش تكون من خلال اللمس .

كما اشارت دراسة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية أن 20 ألف حالة اغتصاب وتحرش ترتكب سنويًا على الأقل، وأنه من بين كل مئة امرأة تتعرض 68 منهن للتحرش اللفظي أو البدني.
وقد أثبتت دراسة أجريت في عدة محافظات .. كالقاهرة والإسكندرية والجيزة والقليوبية والمنيا وسوهاج وقنا والأقصر أن أعلى نسبة تحرش كانت ضد الفتيات فى سن المدرسة واللائي يذهبن اليها على الأقدام أو بالمواصلات، ثم السيدات اثناء خروجهن من وإلى العمل أو حتى فى مواقع العمل ،
وأوضحت الدراسة 6,13% من عينة الدراسة هن ممن يقابلن التحرش بالرد الشفوى بينما فضلت نسبة 6,29% من عينة الدراسة السكوت أما من لجأن الى الإبلاغ فكانت نسبة ضئيلة لا تتعدى 2% فقط.

وفى دراسة للإتحاد الأوربى قالت نسبة من 40 الى 50 % من النساء أنهن يتعرضن للتحرش فى العمل والغريب فى هذه الدراسة أن نسبة من الرجال تصل الى 10 % قد يتعرضون للتحرش أيضاً .

وفى اطار حملة " شارع أمن للجميع " قدم المركز المصري لحقوق المرأة دراسة اطلق عليها اسم "غيوم في سماء مصر "
هذه الدراسة اجريت على ألفي رجل وامرأة من المصريين و109 امرأة أجنبية وقد بلغت نسبة الرجال الذين اعترفوا بارتكابهم التحرش الجنسي 62%، بينما بلغت نسبة النساء اللواتي قلن إنهن تعرضن لهذه الممارسات 83 %
بينما أشارت نصف النساء موضع الدراسة أنهن يتعرضن للتحرش يومياً .
كما أظهرت نفس الدراسة ان التحرش يأخذ أشكالاً عدة منها الملانسة والتلفظ بكلمات نابية ووقحة وقيام الرجال بكشف أعضائهم للنساء .
وقد أظهرت الدراسة أن نسبة 22% من المتحرشين هم فى عمر 18 عام وان نسبة 29 % من المتحرشين هم فى الفئة العمرية من 18 الى 24 عام وأن نسبة 30 % من المتحرشين فى الفئة العمرية من 25 الى 40 سنة فى حين تصل الى 14 % فيمن هم فوق 40 عام .
وقد صدر عن المركز المصري لحقوق المرأة تقريره السنوي لعام 2010 لاحوال المرأة المصرية أن إجمالي عدد جرائم العنف ضد المرأة التي أعلن عنها في الصحف هذا العام 1306 جرائم، جاءت جرائم التحرش الجنسي في مقدمة هذه الجرائم بعدد 933 جريمة ونسبة بلغت 71.4%،
خريطة لأماكن التحرش الساخنة فى مصر .. فى ظل تعقد الظاهرة واستفحالها قام مجموعة من الشباب بعمل مشروع يساعد فى الحد من هذه الظاهرة وهذا المشروع هو " الخريطة الإلكترونية للتحرش " والذى فاز بجائزة منتدى الشباب العالمى لعام 2011
يذكر ان خريطة التحرش الجنسى هى مبادرة الكترونية انطلقت لمواجهة ظاهرة التحرش الجنسى بطريقة اجتماعية تكنولوجية تساعد الضحايا فى الإبلاغ عن الأماكن التى يتعرضون فيها للتحرش ونوعية هذا التحرش وذلك قد يساهم فى تلخيص تقارير تساهم في تقديم حلول عملية للمشكلة.



هل يمكن تجنب التحرش ؟؟
أولاً يجب ان تتجنب الفتاة تلك الأماكن والمواقف التى تعطى الفرصة للتحرش بها .. فلا تكون فى العمل مثلاً وترتضى بغلق المكتب عليها واحد زملائها أو مديرها ؛ كما تتجنب وسائل المواصلات المزدحمة وهكذا .

هناك عربات وطرق مواصلات عامة متاحة للنساء فقط يجب ان تحاول الفتاة او السيدة ركوبها قدر ما تستطيع .
اذا حدث وضايقها احد الأشخاص فى احد الأماكن عن طريق الكلام الخارج أو اللمس عليها ان تصده بعنف وبصوتٍ مرتفع فمن يفعل ذلك جباناً وقد يختفى بسرعة من أمامها .
اذا لم يكن غيرك بالشارع وتحرش بك احد الأفراد ادخلى الى اقرب محل تجدينه أمامك واذ لم تجدى فادخلى احد العمارات كأنها عمارتك .