ذكريات الأمس ..

بجوارِ الشرفةِ الصامتة كأيامى أجلسٌ .. أتأمل الحديقة الجرداء ؛وأعوادِ الريحانِ

الذابلة .. ادقق فى الاشىء؛ واُمعن النظر؛ حيثُ الوجودُ خواء مابين لحظاتِ العتمةِ والإشراق .

تجلدٌنى سياط البردِ فأنكمشٌ داخل مقعدى حيثُ اُصبحُ مرمىً سهلاً لسهامِ الخوفِ التى تأتينى من كلِ اتجاه .

وحيدةًٌ بين البردِ والخوفِ تنتظر المجهول .. ذلك الذى سيأتى ليأخذنى إلى العالمِ

الرحبِ حيثُ لا غٌربةًٌ هناكَ ولا وحدةًُ ولا شتاء .

اٌحاول النهوض من مكانى فسياطِ البردِ ذادت قسوتِها وما عاد عندى احتمال ؛

احاول الإستنادِ على الحائطِ لكننى وبرغمِ سنواتى السبعين أصغر من أن أتلمسه .

أبكى لضعفى .. ثم اُحولَ البكاء وسيلةً للنداء ؛ ألا يسمعنى أحد ؟

وبكلِ ما فى وهنى من قوةٍ أبكى كى أستدر عطف أحد ولكن لا أحد هنا يهتم

فالجميع اختبأ من البردِ داخل المهدِ وأنا الوحيدة بلا مهدٍ وبلا لحد .

جثوتَ إلى الأرضِ . . إستندت عليها وحبوت !!

تعثرتُ حتى فى حبوى لكننى ناضلتُ ؛ تماماً كما كان يفعلٌ ابنى فى شهورِهِ

الإولى ؛ أهٍ يا ولدى كم لى عليك عتابٍ كبير .. أهكذا تُلقينى فى هذِهِ الدار بلا

رعاية ؟ أهكذا تتركنى كى أستدر عطف المشرفين بالبكاءِ حتى يوصلونى إلى

دورة المياه ؟

وأبقى بلا طعامٍ حتى يتذكرنى أحد وأظلٌ لساعاتٍ ألعقٌ أى شىءٍ ندىٍ حتى تمطر

السماء فيذكرهم الماء بمجموعةِ العطشى من المسنين أمثالنا.

كم أنت قاسٍ يا بُنى وأخشى ألا اٌسامحك.

حارقةًٌ تلك الدموعِ التى لا صوت لها ؛ ولا أدرى كيف تجتر معها الذكريات قطرةًٌ

قطرة ؛ وكأن الصوت يمنع الذكرى من الإطلالِ على نافذةِ العقل ؛ وها هو العقل

يستقبلٌ ذكرى الشهورِ الإولى لولدى الوحيد يمرٌ الأن أمام عينى وعمره شهرينِ

؛تماماً كتلك الأيامِ بنفسِ صقيعها ..

أأهٍٍ يا ولدى بل اٌسامحُكَ الأن,, بل أنا من يطلب منك السماح !!

وها هو النحيبِ يغلقٌ نافذة الذكرى وتنسحبٌ صورتكَ من أمامى حين تأخذك منى

مشرفةَ دارِ الحضانه ؛ وتساعدنى مشرفة دارِ المسنينَ فى النهوض .

عواطف حافظ