رحيل للعالم المجهول !

ومع هذا الصيف !
أوراق الأشجار ذبُلت وتساقطت !
وهاهي الطيور هاجرت !
هاهي تقرر الرحيل !
أمسكت قلمي !
وبحثت عن أوراق الرحيل في أدراجي..
بعد أن أتعبتني الافكار ..
وأصبحت مكتوف اليدين ..
فقررت كشف تلك الاوراق ..
سأضعها هنا بين أيديكم .. تقرئها أعينكم ..
تتحسسها مشاعركم ..
بالعلم أنني أعرف أنها ستنتهي بمجرد قرائتكم لها ..
كل ما أرجوه منكم أن تقرئوها قبل أن تطير بأوراقها الرياح ..
وتفقد قيمتها ..

من أكون ؟
أنا أنسان أتخذ الليل صديقاً له !
رافق السهر !
وحيداً بهذه الحياة !
الجميع تخلى عني في الوقت الذي كنتُ بحاجتهم !
تركوني رغم معانتي وجروحي !
أعتنقتني الجروح وأعتنقتها !
أكبر طعنه كانت من أقربهم لي !
فهو الوحيد الذي كان يعرف معاناتي !
يعرف ظروفي !
تركني بعد أن كشفت له جميع أوراقي !
تركني بعد أن أودعته جميع أسراري !
تركني وأنا في عز الحاجه اليه !
لم أجد نفسي الا في ظلام الليل وعتمته !
وليست أي عتمه .. عتمه خانقه ومخيفه ؟

كل يوم يزيد علي التعب !
فأصبحت لا أقوى الحركة ..
لا أملك الا قلم أكتب به مايدور في خاطري ..
أجلس مع الليل وأسترجع أفكاري ..
وأطلق لقلمي العنان لكي يفضفض بما تخفيه أسوار قلبي !
أكتشفت أن الليل هو صديق الوحيد !
أكتشفت أن قلمي هو رفيق دربي !
أكتشفت أن الرحيل للغربة هو الخيار الوحيد !
غربة لا أعرف فيها أحد ..
غربة أدفن فيها سنين عشتها في تعب !
في غربتي صادقت الليل وصادقني !
شكيت له معاناتي !
أستمع شكواي وتقبل كل أهاتي وعبراتي !
وجدت فيه الامان ! وشعرت فيه بالحنان !
هدوءه جعلني أبوح بكل ما يدور داخل نفسي !

أكتشفت فيه أن للبوح عنوان وأن للحروف اللوان !
أخبرني أنني مازلت على قيد الحياة !
قص علي قصتي عندما وقف مركبي على شاطى الغربة !
وكنت فاقد الوعي بعد أن كسرت الرياح سفينتي !
وحملتني لشاطئ تلك الجزيرة .. التي تسابقت اليها جيادي !
كنت تلك اللحضة أو ساعات الضياع .. وجدت نفسي وحيد في تلك الجزيرة
بعد أن أرهقني التجديف في ذلك البحر ..
بعد أن فقدت كل شيء ..
موطني ..
أهلي ..
سفينتي ..
صديقي ..

عذراً يامن تقرئون هذه الحروف ..
لن أستطيع تكملة البوح ..
فقد أعياني التعب ..
وظهر الصباح ..
خيمة الليل تلاشت ..
رحل صديقي الذي يساعدني
في البوح عما يدور داخلي ..
وها أنا سأرحل مع ذلك الليل ..
الآن حل الصباح ..
وهاهي طيوره تحط على ذلك الشاطى ..
وتترك بصماتها على رمال ذلك الساحل ..
لقد رحل الليل ..
فأن عاد فسأعود اليكم بتكملة بوحي ..
وأن لم يعد فسيكون رحيلي معه الى عالم المجهول ..
وستكون النهاية بالرحيل ..

» ماضٍ الى المجهول..
» رحيل بلا عودة
» الفصـل التاسع " رحيل عبلة "-أولى ثانوي