يا طالع الشجرة
يا طالع الشجرة .. مطلع أغنية شعبية تقول : يا طالع الشجرة .. هات لي معاك بقرة .. تحلب
وتسقيني .. بالملعقة الصيني ..
يا له من أمر محال .. فأن تطلع شجرة .. هذا تسلق سهل .. أما المحال ، فهو
أن تكون ثمار هذه الشجرة من الأبقار .. فتطلب من المتسلق طالع الشجرة .. أن يقطف
لك إحدى ثمار هذه الشجرة .. هذه الثمرة بقرة .. بقرة تحلب نفسها .. وتسقي طالب
لبنها بالملعقة التي أحضرتها معها .. وهي ملعقة فاخرة حيث أنها مصنوعة من الصيني .
يا طالع الشجرة .. اسم لمسرحية من تأليف الكاتب الكبير / توفيق الحكيم ، ظهرت في ستينات القرن
الماضي .. بما عرف وقتها بالمسرح العبثي .. أو مسرح اللامعقول ..
طالع الشجرة .. هو بطل الأغنية الشعبية .. فهو المأمور من قبل الجالس في ظل الشجرة التي
تطرح البقر أن يقطف ثمرة أقصد بقرة .. ويحضرها للحالم المستند إلى جذعها .. فتحلب
نفسها .. وتسقيه لبنها بالملعقة الصيني التي أحضرتها معها ..
طالع الشجرة هو بطل مسرحية توفيق الحكيم .. الذي قتل زوجته لأنها تنجب كثيراً ..
طالع الشجرة في الأغنية ، كما هو في المسرحية .. بطل عبثي .. يتناول فكر اللامعقول ..
مضت السنون .. ومازلنا نطلب من طالع الشجرة أن يحضر لنا بقرة .. هذا العبث
الفلكلوري هو واقع السياسة المصرية الأخوانية .. التي أوهمتنا أننا في ظل حكمها ما
علينا سوى أن نطلب منها ثمار البقر الذي يحلب نفسه ويسقينا .. ورغم اللامعقولية
فقد صدقنا وانسقنا .. وفي النهاية صدمنا .. فلا شجرة تطرح بقراً .. ولا بقرة معها
ملعقة .. ثم يأتي الحكيم ليصور لنا قاتل مصر في مسرحيته .
فهل كنا جميعا من طالبي اللامعقول .. سواء من الرئيس مرسي أو من حكومة
قنديل ؟؟
أوهمتنا الحكومة ـ فيما أوهمتنا ـ أنها ستطبق
الحد الأدنى للأجور .. وهي تحتاج لهذا الفعل دهور ..
في حين ثورة يوليو أصدرت قانون الحد الأدنى للأجور في شهرين .. فقط شهران
.. كان وقتها الحد الأدنى للاجور هو ثمانية عشر قرشاً في اليوم .. أترك القارئ
الكريم لكي يحسبها بمعرفته .. والحسبة بسيطة سيدي القارئ .. احسبها مقارنة بسعر
جرام الذهب .. أو إن شئت .. احسبها بسعر كيلوجرام واحد من لحم البقر المعروض عند الجزار
.. وليس المطروح في ثمار شجر البقر ..
أوهمتنا الحكومة ـ فيما أوهمتنا ـ أن لديها
مشروعاً للنهضة .. واتضح أن مشروعها هو زراعة الشجر الذي يطرح البقر .
في حين نادت ثورة يوليو بمشروع النهضة .. فكان السد العالي .. أكبر مشروع
انجز في مصر الحديثة .. كانت صناعة الحديد والصلب .. كانت صناعة الألومنيوم ..
كانت صناعة الغزل والنسيج .. كانت شركة بيع المصنوعات المصرية .. كان التأميم والمصادرة
لتحجيم الثروات .. وتوفير مورد للدولة للانفاق على الفقراء ..
فشلت الثورة .. وفشل الأخوان .. وفشل المصريون .. وفشل .. .. وفشل .. ..
أمازلتم تكرهون ناصر .. افعلوا معشار ما فعل لمصر ..
أشعر بالنعاس .. سأقوم لأنام .. مستنداً إلى جذع الشجرة ..
وقبل النوم ..
لابد من الحليب الدافئ ..
يا طالع الشجرة .. هات لي معاك بقرة .. تحلب وتسقيني .. بالملعقة الصيني .
الإثنين نوفمبر 12, 2012 8:53 pm من طرف ميمو