ياسر أيوب يكتب : الخروج على النص

٢٤/ ١/ ٢٠١١

قبل لحظات من بداية مباراة ليفربول أمام ولفرهامبتون، أمس الأول، فى الأسبوع الرابع والعشرين من الدورى الإنجليزى.. تخيل كل من آندى جراى وريتشارد كايز اللذين كانا يقومان بالتعليق على تلك المباراة على شاشة شبكة سكاى الرياضية الشهيرة أن الميكروفون أمامهما مغلق وصوتهما لا يصل لجمهور المشاهدين.. فأخذ الاثنان يسخران من مساعدة الحكم «سيان ماسى» التى لم تتجاوز الخامسة والعشرين من العمر.. وتبادل الاثنان التهكم على تلك الفتاة التى تشارك فى إدارة مباريات الدورى الممتاز الإنجليزى العريق بزعم أنها كفتاة لا تستطيع أن تدرك بسهولة ووضوح قواعد التسلل التى تحتاج قطعاً لحكمة وقوة وذكاء الرجال.. وقال أحدهما للآخر وهو يضحك بصوت عال.. ليذهب أحدهم لتلك البنت ويشرح لها قواعد التسلل قبل أن تبدأ المباراة.. ولم يكتف الاثنان بذلك بل تطرقا للسخرية أيضا من هيئة وأنوثة وثياب كارين برادى، نائبة رئيس نادى وستهام، وفاضت تعليقاتهما بالإيحاءات الجنسية التى تنتقص من قدر نائبة رئيس ناد كبير وعريق والإساءة لها والحديث عنها بعدم تقدير واحترام لمجرد أنها امرأة..

والمثير أن كل ذلك الحديث كان على الهواء.. فالميكروفون أمام الاثنين كان مفتوحاً دون أن ينتبها لذلك.. والناس فى البيوت أمام الشاشة تصغى لكل هذه السخرية من النساء سواء كن ممثلات فى مساعدة للحكم وحاملة للراية أو فى امرأة تشارك فى قيادة وإدارة ناد كبير.. وبدأت المباراة التى فاز بها ليفربول بثلاثة أهداف محققاً أول فوز له تحت قيادة مدربه الجديد القديم كينى دالجيش الذى عاد من جديد لقيادة ليفربول.. وقد أكدت إعادة كل اللقطات والهجمات صحة قرارات سيان ماسى التى لم تخطئ ولو مرة واحدة ولم ترتبك أو تقبل أى احتجاج واعتراض من أى أحد.. وعقب نهاية المباراة..

كان هناك من اهتم بما قاله المعلقان وهما يظنان أن صوتهما لا يصل إلى الناس.. وكان هناك من لم يحفل بذلك وانتهى الأمر بالنسبة له بنهاية المباراة.. صحافة إنجلترا أيضا التى صدرت صباح الأمس لم يهتم معظمها بهذه القصة، ولكن صحيفة الميل قررت أن تتابع ما يجرى.. فسألت أحد المعلقين.. ريتشارد كيز.. عن هذا الخروج على النص.. فقال الرجل إنه لم يسخر من أحد ولكنه كان يشجع الفتاة الصغيرة ويتمنى لها النجاح.. وحين أكدت صحيفة الميل أنها تملك تسجيلاً لما قيل على شاشة سكاى.. صمت الرجل ورفض التعليق وانسحب..

لكن صحيفة الميل لم تسكت.. فذهبت إلى إدارة شبكة سكاى الشهيرة تطلب رأيها وقرارها.. فكان الرد المحترم من سكاى يتلخص فى أن الإدارة لا تتخذ أى قرارات انفعالية ولا تستجيب لأى ضغوط صحفية ولن تسمح لأحد أن يشاركها فى قرارها الذى ستعلنه بعد دراسة وبحث ما جرى وتأثيره على المشاهدين ومدى انزعاجهم أو ضيقهم.. فليست عندهم لجنة لتقييم الأداء الإعلامى ليست موحدة أو ثابتة المعايير يحكمها قانون واحد يجرى تطبيقه على الجميع بصرف النظر عن الاسم أو الوزن أو النفوذ والعلاقات والصوت العالى.. وهم هناك لا يوقفون البرامج أو المعلقين والمحللين وفق الأهواء وهمسات الأذن التى تقال وراء الأبواب المغلقة ولخدمة المصالح التى يشتبك فيها الخاص والعام..

وما يعنينى فى هذه القصة أن أحداً لم يتابعها لأنه كان يتصيد خطأ لشبكة سكاى أو أحد نجومها.. ولم يكن هناك جمهور وإعلام تابع لليفربول أو مانشستر يونايتد وتشيلسى وكل قضيتهم هى الخلاص من أى إعلامى يشجع ناداً منافساً.. وأنه بالرغم من حساسية الحديث غير اللائق عن المرأة فى أوروبا كلها وعدم احترامها بالشكل الكافى واللائق.. فإن القضية لم تشهد مبالغة فى التناول أو تهويلاً لأن لديهم دائما ما هو أهم وأحق بالمتابعة.. وأخيراً أرجوكم ملاحظة أن فتاة.. وفى الخامسة والعشرين من عمرها.. نالت فرصة المشاركة فى تحكيم الدورى الإنجليزى.

نقلا عن المصرى اليوم

» ياسر أيوب يكتب: تحت القبة
» ياسر أيوب يكتب : قطر ومونديالها
» ياسر أيوب يكتب: مصر ضحية المصريين