قلب الحياة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قلب الحياة

أعوام من الوجود بعالم الشبكة العنكبوتية
 
الرئيسيةالمستشار الاجتماعي المجانى البوابةدخولالمستشار القانوني المجانيالتسجيلأحدث الصورالعاب اون لاين مجانا

 

  الفكر الديني مفهومه ومراحله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
لمياء
 
 
لمياء


احترام قوانين المنتدى احترام قوانين المنتدى : 100 %

الأوســــــمـــــــــــــــــة : وسام الابداع

عدد المساهمات : 6242

نقاط : 15259

السٌّمعَة : 60

تاريخ التسجيل : 17/04/2011

مصرية

الابراج : الدلو

الأبراج الصينية : الحصان

العمل/الترفيه : طالبة *_*

الموقع : في قلب حبيبي

المزاج : عال العال ^_^

تعاليق : يـــــابخـــــتها اللـــى هـــاكـــــون ""انـــــــا"" مــــرات ابـنـــــها ^____*

نوع المتصفح : جوجل كروم


 الفكر الديني مفهومه ومراحله  Empty
مُساهمةموضوع: الفكر الديني مفهومه ومراحله     الفكر الديني مفهومه ومراحله  Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 27, 2012 11:46 am

الفكر الديني مفهومهومراحله
يكثر في العصر الحديث مصطلحات حادثة كالفكر الإسلامي والفكر العربي والفكر الديني والتراث الديني . ويجيء مصطلح الفكر الديني في أكثر المصطلحات إعمالا ضمن الكتابات المعاصرة مع ملاحظة أن التراث العربي القديم لم يكن قد احتوى هذا المصطلح ، حيث أعمل في مقامه غيره ، مما يدل على المراد منه ، مثل : الفقه ، والاجتهاد والنظر .
ولأجل الدقة سأعرض للتعريف طرفي هذا المصطلح المركب من كلمتين هما : الفكر الديني .فالفكرمصدرفكّر يفكّر ، تفتح فاؤه وتكسر والفتح أفصح(1) برغم قلة نطقه ، ومن أوجهه الفكرة والفكرى(2)وينطوي الجذر (ف ك ر ) على غير معنى أهمها :
1- الحاجة : ومن ذلك قولك : لافكر لي في هذا إذا لم تحتج إليه(3).
2- الاهتمام : ومن ذلك قولك : ما دار حوله فكري ، لافكر لي في هذا ، إذا لم تبال به(4) .
3- إعمال الخاطر في الشيء وتأمله(5) . وهذا المعنى هو الملصق بمصطلح الفكر في استعمالاته المعاصرة خاصة ، وكذا في أكثر مواقعه في كلام العرب ، ومن ذلك قول أحدهم :
إذا المرء كانت له فكرة ففي كل شيء له عبرة *
4- ما وقع في الذهن والقلب(6) : ومن تصريفاته أن يقال : فكرفي الأمر ، وتفكر، وأفكر فيه(7) كما. أن هذا المعنى الأخير هو الذي. أعمله النص في استعمالاته للجذر (ف ك ر). الذي. ترددت تصريفاته في القرآن بين صيغتي الماضي والمضارع ثنتا عشرة مرة على النحو التالي :

التكرار رقم الآية السورة
1 191 آل عمران
1 176 الأعراف
1 24 يونس
1 3 الرعد
1 11-44-69 النحل
1 21 الروم
1 42 الزمر
1 13 الجاثية
1 21 الحشر

ويمكن نظم تلك المعاني في هذا البيت :
تأملُ خاطرٍ وكذا اهتمامٌ وحاجةُ طالبٍ وقعت بذهنِ
أما كلمة الدين فهي من الجذر (د ي ن ) الحامل معاني أهمها :
1- الجزاء : ومن هذا المعنى قولك : دنته بما صنع . أي جزيته . ومن ذلك قوله تعالى : {مالك يوم الدين}* أي يوم الجزاء(1).
2- الغلبة والقهر : ومن هذا المعنى قولك : دنتهم فدانوا ، وسمي الله بالديان من : دان الناس أي قهرهم على الطاعة(2) .ومن ذلك المعنى قول الله تبارك و تعالى : ((فلولا إن كنتم غير مدينين ...)) *وقد استعمل هذا المعنى في قول الشاعر الأعشى المازني* عن النبي ( ياسيد الناس وديان العرب) . ومن ذاك قول النبي r (الكيس من دان نفسه)** أي حكمها وغلبها .
3- الانقياد : يقال : دنتهم فدانوا (1)أي فأطاعوا وانقادوا ، وكذا يقال : دانوا ودانوا له ، بمعنى انقادوا(2).
4- التملك : ومن ذلك أن نقول : دينتك أمري ، أي ملكتك إياه ، ومن ذلك قول الحطيئة لأمه هجاء :
لقد دُيّنتِ أمر بنيك حتى تركتهمُ أدق من الطحين(***)

5- الطاعة : وقد جاء استعمال كلمة الين بهذا المعنى في قوله تعالى {ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك}(****) أي في طاعته(3) .
6- العادة والدأب : كقولك : مازال ذلك دينه ، أي دأبه وعادته (4)، وهذا المعنى قد أسبغه ابن العباس على كلمة دين في تفسيره للآية السالفة (*****) .
7- التعاليم المتبعة(5) : وذلك كقولنا : إن ديننا الإسلام ، وقول الله عز وجل {إن الدين عند الله الإسلام}(******)وهذا هو المعنى المستعمل والمراد من كلام العرب غالبا بعد ظهور الإسلام إلى وقتنا هذا .

ويمكن نظم هاتيك كلها في هذا البيت :

تملّكُ طاعة قهرُ انقيادٍ تعاليمٌ جزاءٌ واعتياد
كما يمكن وضع معادلة تجلي المعاني المتصلة بمصطلح الفكر الديني ، على هذا النحو:
الاهتمام + إعمال الذهن التعاليم الدينية = الفكر الديني
2 + 3 7 = الاجتهاد

المعنى الاصطلاحي :
ولايكاد يتباين الاستعمال التواضعي لمركب (الفكر الديني) ، حيث إنه يحيل إلى جملة التفسيرات والتحليلات والاجتهادات المتعلقة بالنصوص والقضايا الدينية .
وهذا مانلقاه في كتب التراث تحت مسمى الاجتهاد ، أوالنظر . كماأن من يسمى حديثاً بالمفكر الديني هو عينه من كان يسمى قديما بالمجتهد أو الفقيه أو العالم .
أما المدلول التواضعي لمصطلح الدين فإنه يشتمل على المفهوم التالي : وهو كون الدين مجموعة من النظم والتشريعات التي يلتزمها المتدينون الذين تتحقق لهم هذه التسمية عند انسياق أعمالهم وأفكارهم تبعا لمقتضياتها،بغض البصر عن مدى صحتها.
من هنا كان الدين شاملا كلا من الديانات الأرضية ، والسماوية .وكلمة الدين في العربية توحي بعلاقة بين طرفين يعظم أحدهما الآخر ، فإذا وصف بها أحدهما ؛ أفادت خضوعا وانقيادا ، وإذا وصف بها الآخر أفادت سلطانا وأمرا وإلزاما .
وكلمة دين تستعمل في تاريخ الأديان بمعنيين هما : 1-الحالة النفسية التي نسميها التدين 2-جملة المبادي التي تدين بها أمة من الأمم اعتقادا أو عملا .(1)1

مسيرة الفكر الديني الإسلامي

إن الفكر الديني الإسلامي يجيء على مستويين أساسيين هما :
1- البحث والتفكر في مسائل جزئية فقهية متعلقة بالعبادات والعقائد ، وهذه أولى صور الفكر .
2- البحث في مسائل أشمل وأوسع تأثيرا مثل المسائل السياسية التي كان مبدؤها الاختلاف في قضية الخلافة ، وتولي حكومة الدولة الإسلامية . وقد كان منطلق الاجتهاد والتفكير في هذه القضية الريادية وفاة النبي r ، حيث صدرت فيها الآراء ، وثار بها الاختلاف الاجتهادي ، والنبي r لمّا يلحد ، وقد كان مسرح ذلك الانطلاق الفكري سقيفة بني ساعدة ، وبعدما تولى أبو بكر ، خمد التفكير الديني في مستواه الثاني ، واستمر ذريعا في مستواه الأول إلى أن ثارت قضايا المستوى الثاني من جديد في صيغ أكثر تعقيدا وجدية واتساعا وذلك على صفة اطرادية من لدن تمرد معاوية على حكم علي إلى هذا العصر .
لقد كان من أوائل قضايا الفكر الديني البارزة والؤثرة عمليا قية الخلافة واستحقاق الحكم .
هذه القضية التي فضل المسلمون شرحها لبعضهم بأقلام من سيوف ومداد من دماء . وتلتها قيضة حرية الإنسان أو ما يعبر عنه بالسؤال الشهير القائل : هل الإنسان مسيّر أم مخيّر ؟ . هذا السؤال سبق الأمويون إلى وضع إجابة له(*)، عن سبيل وضع النظرية الجبرية برياد (جهم بن صفوان) التي قابلتها النظرية التخييرية ، أو ما عرف فيما بعد بمذهب القدرية بريادة (معبد الجهني) ، و (غيلان الدمشقي) .
لقد احتلت مثل هذه القضايا الكبيرة حيزا ذريعا من دلالة مصطلح (الفكر الديني) . وقد كان من مثيرات اغتناء وتنوع الفكر الإسلامي ، أن توسع انفراق المسلمين اإلى أفرقة متمايزة الأهواء والآراء مندفع أكثرها بدوافع سياسية فرضتها طبيعة الأوضاع المضطربة وقت ذاك في امتزاج مع نمو متجدد للمشاعر القبلية والعصبية التي عمل النبي عليه السلام في وقته على اجتثاثها . وقد اتخذ هذا الوضع صيغته الواضحة من لدن اغتيال عثمان عليه السلام، مع أن هذا الانفراق متحقق الوجود في وقت سالف عن ذلك ، وتحديدا من يوم اختلاف آراء المسلمين في شأن تولية الأولى بقيادة دولتهم من بعد النبي r ، إذ أن ذلك اليوم كان المنشأ الواضح لظهور فرقة الشيعة فضلا عن تشكل نظريٍ لبذرة مذهب الخوارج بناء على موقف( سعد بن عبادة )يوم السقيفة وانشقاقه الصُراح عن المؤتمرين ، فضلا عن انشقاق بني هاشم الذي لم يعمّر طويلا لحسن الحظ (1).
لقد بدأ لقد بدأ نشاط التفكير الديني في مستواه الثاني أواخر العقد الثالث من القرن الأول مع بواكير تشكل أوائل الفرق الإسلامية أعني الشيعة والخوارج، اللتين صارتا برغم منشئهما السياسي تطرحان قضايا فكرية دينية عقيدية ، ساهم في جدلها فيما بعد فرقة الجبرية التي لقيت مصادما فكريا لها مباشرا ممثلا في فرقة القدرية(2)، ، ولا يمكن أن يغيب عنا هنا مثلا المأمون مع المعتزلة ، والمتوكل مع السنة ، والفاطميين مع الشيعة .
عرف صدر الإسلام ثلاث مناطق ، كانت مواطن العلم ، ولكل ميزات تباين غيرها بيد أنها اشتركت في كونها بؤر الفقه الإسلامي وقتها . وهي : مكة ، والمدينة ، والعراق . وقد نسب علم كل منها إلى علم من الصحابة سار فقهاؤها على منهاجه . وفي هذا يقول ابن القيم : ((أهل المدينة علمهم عن أصحاب زيد ، وابن عمر ، وأهل مكة عن أصحاب ابن العباس ، وأهل العراق علمهم عن ابن مسعود ))(4)
إن هؤلاء الأربعة هم رواد العلم الديني في الإسلام ، وقد وُجدوا كلُّهم ضمن المرحلة الأولى من مراحل الفكر الديني حسب تقسيمي الرباعي الذي سيأتي لاحقا ، واعترافا بهذا يؤكد ابن القيم أن ((الدين والفقه انتشر في الأمة عن أصحاب ابن مسعود ، وأصحاب زيد بن ثابت ، وعبدالله بن عمر ، وأصحاب عبدالله بن العباس ))(5) .
وأعجب هنا من تغييب اسم لايمكن غمط قيمته في هذا المجال وهو علي بن أبي طالب . وعلى كل اتخذ الفكر الديني النقلي صورا مركزية ممثلة في المدارس الفقهية بمختلف مناهجها ، وقد كان أهمها مدرستا : أهل الحديث ، وأهل الرأي*** .
أولا : مدرسة أهل الحديث : اشتهر في هذه المدرسة الحديثية سبعة فقهاء هم : سعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، القاسم بن محمد ، وأبوبكر بن عبد الرحمان ، وعبيد الله بن عبد الله ، سليمان بن يسار ، وخارجة بن زيد بن ثابت .
ولايخفى أن أشهر مذاهب المسلمين كان مبناها على منهج مدرسة المدينة(1) , وهذا ما يلحظ ولا عند المالكية , والشافعية , والحنابلة , والظاهرية بحسب تفاوت بينها .
وقد كان المنهج الرائس لمدرسة الحديث هو الاعتماد أساساً على المنقول موقوفا ومرفوعاً , وعدّ النظر العقلى والرأى فى رتبة متأخرة , بوصفهما أمرين غير مرغوب فيهما تحرزاً وتورعا ً وقد أرسخ هذا المنهج أمور أهمها :
1- وفرة ما فى المدينة من الأحاديث والآثار والرواة .
2- قرب حياة أهل المدينة من البداوة وقلة النوازل ومحدثات الأمور المقتضية للتفكير والاجتهاد.
3- توهم أن النظر والاجتهاد والتجديد مظاهر مدافعة للاتباع والاستنان . وقد أورثهم هذا المنهج ضعفا فى ملكة الاجتهاد . لذلك قال الرازى : ((كانوا عاجزين عن النظر والجدل وكلما أورد عليهم أحد من أصحاب الرأى سؤالا أو اشكالا ؛بقوا فى أيديهم متحيرين ))(2)
ثانيا: مدرسة أهل الرأي :
إن رائد أعمال أهل الرأي والاجتهاد في الإسلام هوعمر بن الخطاب، وهوالذي أرسخ عمليا حقيقة كون النصوص منوطة بمقاصدها ومعانيها ، لابألفاظها ومبانيها ، وأبرزُ منتهجي سبيله كان عبد الله بن مسعود الذي كان شبه مقلد لعمر ، الذي ابتعثه معلما بمدينة الكوفة في العراق التي حفلت بدفعات أخرى من الصحابة في عهد علي – الذي مكث خمس سنين خليفة في الكوفة – وأشهر أولئك : سعد بن أبي وقاص ، وعمار بن ياسر ، وأبو موسى الأشعري ، وأنس بن مالك ، وحذيفة بن اليمان ، وعمران بن الحصين .وبرغم كثرة الأسماء هناك فقد اشتهر من فقهاء الرأي الرواد : علقمة بن قيس النخعي الذي أخذ العلم عن ابن مسعود ، وعن علقمة أخذ إبراهيم النخعي ، وعنه أخذ حماد بن أبي سليمان ، وعنه أخذ أبو حنيفة (1) . وهنا بلغت المدرسة سورتها بتشكل المذهب الحنفي ثم استقوت بتولي أبي يوسف يعقوب منصب قاضي القضاة في مملكة العباسيين .

ولقد قام منهاج الرأي على مباعث أهمها :
1- قلة نصوص الحديث ، ورواة الحديث في العراق ، وهذا ما يؤكده ابن خلدون في قوله : ((كان الحديث قليلا في أهل العراق ؛ فاستكثروا من القياس ومهروا فيه ، فلذلك قيل أهل الرأي)) .
2- كانت البيئة العراقية ممدنة حاوية لتقاليد المدنية الفارسية واليونانية ؛ مما استبع كثرة النوازل والمسائل التي لانصوص تعالجها مباشرة .
3- شيوع الوضع للحديث في العراق بخاصة ؛ مما دفع إلى ترك الإكثار من الاعتماد على الآثار ووضع شرائط حادة لما يقبل منها . كل هذا إضافة إلى كون مادة الحديث والسنة أصلا قليلا كما في العراق آنئذ ، خلافا للحال فى المدينة موئل السنة ورواتها .
4- إدراك فقهاء الرأي أن الدين والشريعة ليسا في غنية عن الاجتهاد والنظر في مقاصد المشترع ؛ لذلك قال الشاطبي عن أهل الرأي((جردوا المعاني ؛ فنظروا في الشريعة بها , واطّرحوا خصوصيات الألفاظ))(3) .

أطوار ومراحل الفكرالديني

إذا انعمنا النظر في مسيرة الفكر الديني الإسلامي , سنراه متبديا في مراحل أربع اشتملت على ملامح تطوره , والمراحل هي :
المرحلة الأولى :الفترة الراشدية:-
تقع في الوقت ما بين وفاة النبي r, ونشوء المملكة الأموية . وهي أقصر المراحل وأقلها تعقيدا , حيث لم تحفل بقضايا كثيرة, ولانقاشات مؤثرة , ولاجدالات فكرية واسعة , كتلك الناشئة في المراحل التالية , بيد أن من أهم وجوه أهمية هاته المرحلة أنهاشهدت مولد أولى وأهم القضايا الفكرية التي انفرق أمامها المسلمون إلى طوائف وأحزابا مشتتة ، تلك القضية هي (مشكلة الإمامة)التي كانت مقبرة للوحدة والتآلف الإسلامي . كما شهدت هاته المرحلة نشاطا هادئا للتفكير الفقهي مما كون بوادر نشوء أهم مدرستين فقهيتين في الإسلام هما: مدرسة الحديث ، ومدرسة الرأي .
والأسماء البارزة والمؤثرة في هذه المرحلة لم تكن كثير برغم كثرة أهل الفتوى بُعيد النبي r ، الذين بلغ عددهم نحوا من(مائة وثلاثين) نفسا . وقد كان أهمهم عمر بن الخطاب باجتهاداته وتجديداته الهامة ، وكذا علي بن أبي طالب ، وابن مسعود ، وزيد ابن ثابت ، كما عرف في مصر عبدالله بن عمرو ثم يزيد بن حبيب الذي سار على نهجه .

المرحلة الثانية : مرحلة النشاط والاغتناء:-
ملأت ما بين العقد الخامس من القرن الأول إلى أواخر القرن السادس عن الهجرة ، حيث كان ابتداؤها من لدن بداية الحكم الأموي للمسلمين . ولاجرم أنها أهم وأخصب مراحل الفكر الديني في الإسلام ، حيث تم فيها تشكل كل التيارات الرئيسة الموجهة للفكر الديني ومنهاجه ، وعُرضت خلالها كل النظريات والأفكار الممكنة والمتاحة في ساحة العقل الإسلامي على كل الصُعد والمستويات . لقد كان من أهم دواعي خصوبة هاته المرحلة ما دخل الثقافة الإسلامية من عناصر الثقافات الأخرى كاليونانية والهندية والفارسية من خلال الترجمات التي نشطت ونظمت بوضوح أثناء الحكم العباسي . وكان أهم الأفرقة المسيّرة لهذه الفترة كل من :
1- فرقة الشيعة 2- فرقة المعتزلة 3- فرقة أهل السنة

أولا : فرقة الشيعة(1) :-

يؤكد فقهاء ومؤرخو الشيعة أن بذور فرقتهم وجدت في عهد النبي r ممثلة في جماعة من الصحابة ألفوا عليا بن أبي طالب ومالوا إليه . أشهرهم : عمار بن ياسر ، وأبوذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ، والمقداد بن الأسود ، وحذيفة بن اليمان ، . لكن الظهور الجلي لهذه الفرقة كان وقت تمرد معاوية على خلافة علي ؛ الأمر الذي يسوّغ القول بأنها فرقة ذات دوافع سياسية لادينية . وبعد ذلك اتسع إطارها طرديا مع ازدياد شدة الاضطهاد الذي لاقاه عترة علي بعدُ .
ثارت أشهر الخلافات والخصومات بين فرقتى الشيعة وأهل السنة ضمن معارك كان وقودها اختلافات عقدية وفقهية فضلا عن العرقية .
وقد انشعبت فرقة الشيعة إلى طوائف متكاثرة أشهرها : السبئية ،والكيسانية والإسماعيلية ، والزيدية ، والإمامية .وكل هذه خليط من شعب المعتدلة والغالية التي لم تعدم بدورها خلافات داخلية .
وقد بذل كثير من علماء ومؤرخي الشيعة جهودا جليلة في تشويه مذاهب فرقة أهل السنة ، كما لم يقتصر كثير من فقهاء ومؤرخي أهل السنة في تشويه حقيقة الشيعة المعتدلين ؛ الأمر الذي انعكس في تصرفات ومشاعر العوام من أتباع كل فرقة (*)؛ فأدى إلى إشتعال معارك وصدامات ميدانية مؤسفة تنم عن انحطاط وتردى هذه الأمة المنتكسة******* .
من أشهر أعلام الشيعة : جعفر الصادق , زيد بن على , عبدالحسين الموسوى , ومحسن الأمين . ومن أشهر مكتوباتهم : (أصول الكافى) لمحمد الكلينى ، و(أصل الشيعة وأصولها) لمحمد حسين كاشف الغطاء ، و(أعيان الشيعة) لمحسن الأمين .
ثانياً : فرقة المعتزلة (2):-
بدأت في الظهور أواخر عهد الحكم الأموي بجهود واصل بن عطاء , وعمر بن عبيد . وانحاز إليهم من الحكام وقتها يزيد بن الوليد , ومروان بن محمد , كل ذلك قبل أن تصل هذه الفرقة إلى سوْرة علوها في عهد المأمون والمعتصم والواثق , بعد تطامن لم يطل أوائل حكم بنى العباس. لم تكن نشأة فرقة المعتزلة معزوة للسياسة كحال أكثر أفرقة المسلمين , وهذا غير خاف في طروح المعتزلة المركِّزة على الفكر والفلسفة والمباحث النظرية .وقد انشعبت فروعها إلى شجون كثيرة أشهرها : الواصلية والإسكافية والبشرية والثمامية والجاحظية والخياطية والجبّائية والمريسية .
ولقد مارس المعتزلة قمع واضطهاد المخالفين لهم أثناء إستقوائهم بسلطة الحكام , شأنهم فى ذلك شأن كل فرقة من فرق المسلمين . لاجرم أن استغذت المعتزلة من ثقافات الغرب والشرق الممثلة في المترجَمات الفلسفية الوافدة على المسلمين وقامت على منهج صارم معتمد اعتماد قطْبيا على النظر العقلي , المشفوع بالنقل المتبصر ؛ وقد أورثهم هذا المنهاج عداوة فرقة أهل السنة لتباين النتائج المحصَّلة من طرف كل فرقة .
أما علاقة المعتزلة بالشيعة فإنها كانت علاقة تمازج وتمايز بمعنى تحقق اختلافهم في مسائل وقضايا في وقت اتفاقهم في غيرها .

من أشهر كتبهم : رسائل العدل والتوحيد ليحي بن الحسين ، وفضل الاعتزال وطبقات المعتزلة للقاضي عبد الجبار الهمداني ، الذي كتب أيضا المغني في أبواب التوحيد والعدل ، وكتاب الانتصار للخياط .
ومن أعلامهم : واصل بن عطاء ، إبراهيم النظام ، الجبائيان .
ولاتفوتني الإشارة إلى أن أكثر المفكرين المسلمين المعاصرين هم منتهجون ما اختطّه المعتزلة قديما من الاعتماد على التنوير العقلي واجتناب سياسة تحييد العقل في البحث الديني .

ثالثا : فرقة أهل السنة(1) :-
عرفت بأسماء كثرة منها : أصحاب الحديث ، والحشوية ، واللفظية ، والصاعدية ، والمشبهة ، والفاضلية . وكلهم يجتمعون في آراء أشهرها : القول بأفضلية أبي بكرالصديق واستحقاقه الخلافة ، وإن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية
وهذه الفرقة تمثل الجمهور الأكثر عددا من الأمة الإسلامية . وقد انفرقت إلى طوائف كثيرة قديما وحديثا ، فرق بينها خلافات عَقَدية لم تكن في واقعها مؤثرة لولا ضيق الأفق والتنطع الذي امّاز به كثير من فقهاء الأمة ضمن كل الطوائف ، كلهم وقع في هاوية النـزعة الوثوقية ؛ حيث يرى الحق وقفاً عليه ، والباطل وقفاً على من خالفه ؛ لذلك وجدنا في إطار أهل السنة : الأشاعرةَ ، وأهل الحديث ، والصوفية ، والسلفية . وكل يغمط صواب غيره ، ولايبصر إلا نقاط الخلاف . حاشا قلة من العلماء وأهل الوعي .
ومن أشهر أعلام هذه الفرقة : أبو حنيفة النعمان ، وأحمد بن حنبل ، وأبو حامد الغزالي ، وأحمد بن تيمية ، ومحمد الشوكاني .
ومن أشهر كتبهم : (الإبانة عن أصول الديانة) للأشعري ، و(العقيدة الطحاوية) للطحاوي ، و(منهاج السنة النبوية)لابن تيمية .

المرحلة الثالثة : مرحلة الخمود :-
جاءت بداية كل مرحلة من لدن بداية القرن السابع الهجري إلى فترة حكم محمد علي في مصر أوائل القرن التاسع عشر الميلادي والثالث عشر الهجري ، سميتها بفترة الخمود نظرا لانطفاء جذوة النشاط الفكري الإسلامي فيها ، مقارنة بالفترة السالفة ، ولعل أهم محطات هاته الفترة ما شهده القرن الثامن الهجري من ظهور ابن تيمية ومدرسته المجددة وقتها .
لقد تأثر المجال الفكري بالأوضاع السياسية التي تدهورت ؛ مما استتبع انحدار الاجتهاد والتفكير الديني .

المرحلة الرابعة:-
لقد بدأ النشاط الفكري في هاته المرحلة الرابعة في إطار الشرق العربي وتحديدا في مصر وشبه الجزيرة . أما هذه الأخيرة فقد شهدت أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر للميلاد حركة على المستويين الفقهي والعقدي جميعا ، ففي نجدٍ ظهر ابن عبد الوهاب من جهة ، وخصومه من جهة أخرى من خلال تصادم وتناقش الآراء في مسائل عقيدية كثيرة(*) ، كذلك ثار النشاط التجديدي الفقهي في اليمن بجهود كلٍ من ابن الأمير الصنعاني والأمام محمد الشوكاني ودوعتهما للاجتهاد ، والاستقلال عن أسر التقليد والجمود الفقهي ، الذي استمرأه المسلمون قرونا متطاولة كقطع الليل . ولايستقيم الإغضاء عن دور الحملة الفرنسية على مصر عام (1798)م وكذلك الثورة الفرنسية(1)، في فتح آفاق رحبة للارتفاق بالعلم الغربي ومناهجه البحثية وتياراته الفكرية على النحو الذي طبقه محمد علي في مصر طوال فترة حكمه الممتدة ما بين عامي(1805- 1848)م مما يجلب إلى الذاكرة عصر المأمون وازدهار الترجمة والعلوم ، لاريب أن عصري كل منهما كان منطلقا رئيسا وقطبيا في عالم الفكر الإسلامي وآفاقه .
وقد سنحت تشكيلات الفكر الديني في هذه المرحلة بهيئة مذاهب واتجاهات هي في واقعها امتداد لاتجاهات سالفة تكونت أثناء المرحلة الثانية السالف عرضها . وعادة ما يقسم مؤرخو الفكر الديني الاتجاهات الفكرية في هذه المرحلة إلى ثلاث (1)بيد أن الدقة
تشي لنا بأنها أربع وهي التالية :-
1-المدرسة السلفية الجامدة :
ويمثلها من يرتفقون أساسا على التراث – انتقائيا – بوصفه المنجأ والملجأ الوحيد الذي
لاخير في غيره – عندهم – مما ينتجه المعاصرون ، وهذا الاتجاه يزري بالنظر العقلي والتجديد ويعزو كل أولئك إلى الابتداع المحرم كما يبتُر كل ذريعة للحوار مع المخلفين .
2- المدرسة السلفية المجددة :
وتسمى عند البعض بتيار الإحياء والتجديد(1)وتحوي من يستأنس بالقديم ويتخذه وسيلة للتحديث والاجتهاد ، وهم يتخذون موقفا شديد العداوة للمدرسة الرابعة –الآتية – وكثيرا ما يصفونهم بنعوت نابية منها نعتهم : الجاهليين الجدد ، والمستغربين(2) .
ومن روادها : محمد عبدة ، ومحمد فريد وجدي ، ورشيد رضا ، ومحمد الغزالي ، ويسف القرضاوي ، ومحمد البوطي ، ومحمد عمارة ، وفهمي هويدي .
3- المدرسة المجددة التنويرية :
وهي اتجاه يمثله العلمانيون المعتدلون , وقد شهدت نشاطا كبيرا في القرن العشرين لاسيما أواسطه , بدأ يخبو باقتراب العقد الثامن , لذا يقول الدكتور : محمد السيد(( فتحول التحديثيون إلى أقلية وتوسد الاتجاه التراثي ... قمة المنصة الثقافية العربية))(3). ويبالغ معتدلو السلفية المجددة – فضلا عن الجامدة – في نقد هذه المدرسة ، ويرونها نُخبا ثقافية إسلامية تغربت وانصبغت بمقولات ومناهج حركة التنوير العلماني في الغرب .
ومن أهم أعلام هذه المدرسة : طه حسين ، ومحمد خلف الله ، وحسين أحمد أمين ، نصر حامد أبو زيد ، وحسن حنفي ، عزيز العضمة ، وسامر الإسلامبولي .
4- المدرسة المجددة المتطرفة :
وهي اتجاه فكري يمثله غلاة العلمانيين والعقلانيين ممن انبتّوا عن التراث ورأوه قيدا يعوق وإرثا بائسا كريها . إن ضابط تحديد هذه المدرسة وأعضاءها هو حدوث التغيير الجذري بمعنى نقضهم لبعض الأصول والركائز التي يقوم عليها الإسلام أو ما لم يقع له نقض سالف على هذا النحو الذي يجترحونه في انعزال شبه كلي عن النقل(4) .
من أهم أفراد هاته المدرسة : زكي نجيب محمود ، وغارودي ، ومحمد آركون ، الصادق النيهوم ، وعائد محمد.
إن الأمر الجامع كلَّ مراحل الإسلامي هومعيشهُ في كنف الأوازم الفكرية ، حيث لم يسلم في أي مرحلة من مراحله ، كما لم تتبرأ اتجاهاته عن الإصابة بإعاقات فكرية متفاوتة العمق فيما بينها وليس الأمر كما يبدو في كلام الكثيرين منهم الأستاذ محمد عمارة في كتابه(أزمة الفكر الإسلامي المعاصر) . لقد كان من أنهد مظاهر أزمات الفكر الإسلامي :
1- نفي الآخر ، بمعنى عدم تقبل إمكانية التعدد الاختلافي .
2- الجمود والخمود وضعف الثقة في النفس والذات المعاصرة .
3- ضيق الأفق والغفلة عن كليات الدين وأهدفه السامية ، والاستعاضة بالاغراق في الجزئيات والنوافل الملهية عن الشوامل والكوامل من القضايا التي توجّه الدين لها وبها .

----------------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://qalapalhaya.ahlamountada.com/
 
الفكر الديني مفهومه ومراحله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» هل الفكر الديني يعطل العقل؟؟
»  «تجديد التفكير الديني في الإسلام»

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
قلب الحياة :: إسلاميات :: فكر ديني-
انتقل الى:  
أختر لغة المنتدى من هنا

قلب الحياة

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الأن بتوقيت (مصر)
جميع الحقوق محفوظة لـقلب الحياة
 Powered by Aseer Al Domoo3 ®https://qalapalhaya.ahlamountada.com
حقوق الطبع والنشر©2011 - 2010