وجع في قلب إسرائيل

وجع في قلب إسرائيل

السبت 28 مايو 2011م ، تلقت إسرائيل صفعة أوجعت قلبها وأدارت رأسها ..
ويبدو أن يوم السبت وهو اليوم المقدس عند اليهود قد كره إسرائيل .. كما مقتها العالم .. ففي يوم السبت السادس من أكتوبر .. قطع الجيش المصري رأس إسرائيل في سيناء .. هذا كان في السبت البعيد .. ونعود إلى سبتنا القريب .. فقد صدر القرار المصري بفتح معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة يوم السبت وبصفة مستمرة ودون إغلاق إلا يوم الجمعة والأعياد الرسمية .. بل تضمن القرار المصري الشجاع إعفاء الدارسين الفلسطينيين من الحصول على تأشيرة دخول إلى مصر ، وكذلك النساء والأطفال والرجال فوق سن الأربعين .. أعلنت مصر العروبة هذا القرار الشجاع .. دون مشاورة مع أحد .. دون الرجوع إلى عسكري المنطقة .. أمريكا طبعاً .. معتبرة هذا شأنها .. وهي المعنية به فقط ..

يوم فتح المعبر كنت أشعر بمشاعر فخر وعزة .. مثلما شعرت بها لحظة سماعي عبور قواتنا المسلحة قناة السويس .. فلأول مرة منذ حرب رمضان / أكتوبر .. تأخذ القيادة المصرية قراراً منفرداً .. يحمل السيادة بكل معانيها .. نعم القرار قرارنا وليكن ما يكون .. من شدة فرحي بهذا القرار كنت سأكتب في السابعة من صباح هذا اليوم مقالاً عن ذلك .. إلا أنني فضلت أن أنتظر لأشاهد فعاليات فتح المعبر لتكتمل سعادتي وأكتب بنفس مفتوحة :
وجع في قلب إسرائيل
اخترت هذا العنوان ليكون تذكرة منا لجيل شباب ثورة 25 يناير بكتابات عظماء المصريين ، مثل .. الكاتب الكبير أنيس منصور ، الذي كتب كتاباً أسماه : وجع في قلب إسرائيل .. فقد أوجعت مصر بعد الثورة قلب إسرائيل مرات عديدة .. نستعرض بعضها معاً .. أول ما أوجع قلبها .. هو سقوط حليفها القوي وراعيها الرسمي في الشرق الأوسط وحامي أمنها المخلوع مبارك .. فجحظت أعين صهاينتها في إتجاه الغرب .. إتجاه الحدود مع مصر .. قائلين : لقد فعلها الفراعنة .. وبدأوا يتساءلون : ومذا بعد ؟؟

أما الحدث الثاني ؛ فكان قطع إمدادات الغاز الطبيعي عن الكيان الصهيوني .. ورفض الشعب المصري بكل أطيافه السياسية في توحد شديد بيع الغاز للمحتل .. وآزر الشعب قضاء مصر الشامخ الذي قضى ببطلان صفقة بيع الغاز لإسرائيل ..

نأتي إلى الصفعة الثالثة ؛ ففي غضون أشهر معدودات تمت المصالحة بين حركتي الجهاد الفلسطيني ، فتح وحماس .. هذه المصالحة كانت إسرائيل تخشاها وترفضها .. ولا تريدها أن تتم .. وتتذرع بعدم إتمام المضي في عملية السلام .. حتى تتم المصالحة الفلسطينية الفلسطينية .. رغم أنها لا تريدها .. وكان المخلوع يتلقى التعليمات من البيت الأسود بعدم إتمام المصالحة .. بل وإفشالها .. لتبقى القضية الفلسطينية أمام الرأي العام العالمي معلقة بأيد أبناء فلسطين الفرقاء ..

كان النظام السابق يرتدي ثوب حمامة السلام .. ويفتعل ألاعيب الثعلب المراوغ لإفشال المصالحة لصالح إسرائيل وبأوامر أمريكية .. والدليل على ذلك السرعة التي تمت بها المصالحة .. لأن الوساطة المصرية الجديدة كانت جادة وصادقة في إتمام المصالحة .. ولا تتلقَ إملاءات من أحد .. نعم حققت في أيام ما لم يحققه النظام السابق طوال أربع سنوات من المراوحة في نفس النقطة ..

وتتوالى الصفعات الموجعة على وجه وقلب إسرائيل .. وتأتي ذكرى يوم النكبة .. تدفقت المظاهرات العربية للتنديد بالإحتلال .. ولكنها هذه المرة كانت قريبة قرباً قاتلاً من الكيان الصهيوني .. لامست قلبه .. أوجعته .. فلم تكن هذه التظاهرات في عواصم ومدن بعيدة .. بل اندلعت ودنت وعن قرب للحدود الإسرائيلية .. وهذا يحدث للمرة الأولى منذ النكبة .. هذا يحدث نتاج للثورة العربية الشاملة .. يحدث بإرادة الشعب العربي .. رغم أنف البقية من حكامه .. يحدث ولسان حال الشعوب العربية يقول : ملايين الشعب .. تدق الكعب .. كلنا جاهزين .. يا أهلا بالمعارك ..

أما الصفعة الكبرى .. والتي ستصيب قلب إسرائيل ليس بالوجع فقط .. لكن بالسكتة الأبدية القاتلة ؛ فهي نهضة مصر اقتصادياً وعسكرياً وعودة قيادتها للأمة العربية والإسلامية في توحد ثوري .. يضع الرغبة الأمريكية تحت قدميه .. ويبدو أن أمريكا قد وعت الدرس مبكراً بعد فشل أجهزة استخباراتها في توقع الثورة العربية .. فقد بدأت تحني رأسها في احترام لإرادة الشعوب العربية .. وأعلن أوباما تأييده لما يجري من تغيير في المنطقة العربية ونعتها بالربيع العربي .. ودعا إلى دعم الديمقراطية .. والعمل على إقامة دولة فلسطينية على حدود ما قبل يونيو 67 .. إنها مكاسب تترى للأمة العربية .. مكاسب مادية ومعنوية حققتها الثورات العربية في مصر وتونس .. ومازالت ليبيا واليمن وسوريا ثائرات .. أنظروا معي إلى مستقبل الأمة العربية بعد نجاح هذه الثورات .. وإلى المكاسب التي ستجنيها الشعوب العربية .. مقارنة بما تحقق في أشهر قليلة مضت .. إنها مكاسب فشلت آلة الدعاية الصهيونية في تشويه صورتها أمام الرأي العام العالمي .. فلم يجد الصلف الأمريكي بد من ضرورة التخلي عن معاداته للعرب .. واستقرأ بعين المرعوب أن المستقبل يمتلك زمامه أبناء هذه الأمة الثائرة .. وأن نجم آل صهيون قد حان أوان أفوله ..

نعود للفأر المذعور نتنياهو .. فقد درعه الواقي بسقوط المخلوع .. فهرع إلى البيت الأسود .. لكن الأخير فطن هذه المرة وعلم أن خيوط اللعبة لم تعد في يد إسرائيل .. إنها انتقلت إلى الشعب العربي .. صحيح أن إسرائيل أقوى عسكرياً .. لكنها ستهزم لا محالة في أي مواجهة مع جيوش الشعب العربي .. لأن القادة الأذناب ومتلقو القرارات الأمريكية قبروا وانتهى عصرهم ..

فأمريكا ـ وهي عادتها دائماً ـ تنظر أين مصلحتها .. وقد فهمت أن مصلحتها اليوم ليست مع إسرائيل .. مهما قدمت لها من عون .. أمريكا فشلت في أفغانستان .. وفي العراق .. وفي الصومال .. حتى بكل أسلحتها لم تهزم القاعدة .. لذلك فهي الآن تنتفض هلعاً مما هو آت .. أمريكا تعلم أنها ستكون الخاسر الأول في حال إندلاع حرب بين إسرائيل والعرب .. بل والعالم كله سيخسر لأن حرب هذه المرة ستقضي على إسرائيل .. ومن تبعاتها أن يخسر الشركاء جميعهم ..
وجع في قلب إسرائيل ..
كم افتقدنا الشعور بالعزة والإباء ..
أمجاد يا عرب أمجاد .. في بلادنا كرام أسياد ..