في مواجهة العدو / جهاد الشعب الفلسطيني

ادعاء بيع الأراضي
إن الهجمة على فلسطين كانت تدور بين محورين متناقضين.
- المحور الأول: اليهود ومن يساعدهم من القوى الاستعمارية.
وهؤلاء كانوا مُنظمين يسيرون على خُططٍ مدروسةٍ ومُعدةٍ منذ مئات السنين، ويدعم هؤلاء جاليات يهودية كبرى ومنتشرة في العالم، وتتمركز في مراكز قوى القرار، وتملك من المال والنفوذ ما يؤهلها للدعم والضغط والاستمرار القوي، مُضافاً إلى هذه القوى اليهودية قوة الاستعمار صاحبة المصلحة واليد العليا بعد الحرب العالمية، ويملك السلاح والمقدرات والخطط وأكثر من ذلك يتحكم بالأمور عالمياً كتحكمه بعصبة الأمم المتحدة، أو القرار السياسي الدولي، وتحكمه في سير الحياة في فلسطين.
- المحور الثاني: هو المحور الفلسطيني العربي.
هذا المحور عاش في ظل الخلافة العثمانية، وكانت نـهاية الخلافة تعيش في زمن ركودٍ وتأخرٍ حضاري عن باقي دول العالم، فبالتالي كان الشعب الفلسطيني شريحة مصغرة في هذه الدولة.
أمّا المحيط العربي فهو محيطٌ مهزومٌ، خرج من الحرب العالمية الأولى منـهكاً، حارب نفسه بنفسه، وعندما انتـهت الحرب وجد أن أرضه قُسّمت بين دولٍ عالمية كبرى، وأصبح لا حول له ولا قوة. أمّا القيادات السياسية فكانت ضعيفة مهزومة تسعى لرضا بريطانيا، فكيف لها أن تحارب بريطانيا صاحبة مشروع الوطن اليهودي في فلسطين؟!
لذا نجد أن هذه المعركة لم تكن متكافئة ولم يكن بـها أدنى تكافؤ، لذلك فإن المقاوم الفلسطيني كان في أضعف مراحله مقابل هذه الهجمة الشرسة على الشعب.
شاع بين كثير من الناس وخاصةً العرب في الدول العربية أن الفلسطينيين قد باعوا أرضهم لليهود، بل أصبحت هذه العبارة لعنةً تلاحق الفلسطينيين بين إخوانـهم العرب، وإن دلّ هذا على شيء يدل على جهل المواطن العربي، وضعف الإعلام العربي، وتدني مستوى الخطاب العربي الرسمي لتوجيه الشارع، بل إن صحفاً عربية من أجل السبق الصحفي كانت شريكةً في نزع ملكية الأراضي الفلسطينية تشويهاً وغشاً للشارع العربي.
فقد ساهمت هذه الصحف في إشاعة الأكاذيب عن شعب فلسطين المجاهد بأنـه باع أرضه لليهود، ولم تدرِ هذه الصحافة أن الذين باعوا الأرض لليهود هم من العائلات الإقطاعية العربية التي لا تنتمي للأرض الفلسطينية، وبالرغم من كل هذه الأضاليل، وبالرغم من كل الممارسات البريطانية واليهودية لخلع الفلسطينيين من أرضهم إلا أن اليهود لم يحصلوا من كل فلسطين حتى عام 1948م سوى على 5.5% من أراضِ فلسطين، أما ما نسبتـه 78% فقد انتزعها اليهود من الجيوش العربية وليس من الشعب الفلسطيني، وإن المسؤول الأول عن تسليم هذه الأراضي هي القيادات المتخاذلة والموقِّعة مع الإنجليز الاتفاقيات مقابل تشييد عروشٍ واهمة.
لهذا كان لزاماً علينا تبيين هذه الحقائق للأمة وللتاريخ مقولةً عن أفواه آبائنا وأهلينا في فلسطين، بالإضافة إلى الحقائق الموثقة حول هذا الموضوع.
عندما بدأ وعد بلفور في التنفيذ بعد هزيمة الدولة العثمانية كانت الأراضي المسجلة بين العرب واليهود هي: 52% للعرب، 2.5% لليهود و42.9% أراضي أميرية، وكان عدد السكان العرب أكثر من 632.5 ألف عربيٍ بنسبة 92%، وكان عدد سكان اليهود 55 ألفاً وهو ما يشكل 8% من مجموع السكان لعام 1918م، وقد كان اليهود قُبيل الحرب العالمية 60 ألفاً نزح 5 آلاف منـهم عند اندلاع الحرب، أما نسبة ما يملك اليهود من أرض بالنسبة لمجموع الأراضي فهي كما يلي:
1% من مجموع أراضي فلسطين سنة 1918م وابتدأ اليهود بمساعدة دولة الانتداب في التـهام الأراضي، ورغم هذه السياسة المدعمة بالقوة السياسية والمالية والعلمية فإن نسبة ما حصل عليه اليهود من أرضٍ لعام 1948م بلغ فقط 5.5% بينما رُحّل العرب وشُرّدوا عن أرضهم وهم يملكون ما نسبتـه 94.5% من مجموع أراضي فلسطين.