الاختيار

موضوع: الاختيار السبت ديسمبر 11, 2010 9:28 am

فى منتصف تلك الحجرة الضيقة التى تكون احدى غرفتان بمنزل قديم
متهالك فى حى فقير من تلك الاحياء الشعبية البسيطة
التى يعيش فيها اسر كاملة الاباء والابناء وزوجاتهم واولادهم
فى غرفتين او ثلاثة على الاكثر لضيق الحال وصعوبة المعيشة
وقلة الاموال
هنا جلست الام وابنها وزوجتة يدور بينهم حوار وجدال
ففى مثل تلك الحالات التى تسكن الزوجة مع حماتها لا تخلو الايام من المشكلات والمنازعات فلكل منهما رأى وكل منهما تشعر انها سيدة تلك
العشة او الشقة وتريد فرض ارادتها والشعور بالقوة والسيطرة
الحقيقة فى قصتنا هذه جلست الام والحزن مرتسم بوجهها
تنظر الى ابنها وهو مطرق بعد طوال جدال بينه وبين زوجته
لكنه لم يصل فيه لحل ولم تقتنع تلك الشابة المتسلطة
بانها على خطأ حين تجاهلت ضعف الام وتدهور صحتها مما اعجزها عن
الحركة واقعدها فاصبحت تحتاج من يؤدى اليها طلباتها
ولكن تلك الام عفيفة النفس تحاول الا تثقل على من حولها قدر الامكان
اما تلك الزوجة التى ارتضت اولا ان تحيا مع زوجها فى تلك الدار
على ان توفر العناية لامه حين غيابه وتقدرها وتحترمها
فقد تعمدت ان تؤذيها بكلمات جارحة تشعرها بعجزها
وبانها لا تستطيع خدمتها فيكفيها زوجها واولادها
جلس الابن ينظر الى امه وعلامات الالم ترتسم بمحياها
وقد صمتت زوجته بضع لحظات بعض صراخ طال قرب الساعة
وهنا دار ذلك الحوار بين ثلاثتهم
الام .. بنى اعلم انى قد كبرت وقد اثقلت عليك وعلى زوجتك
ولكنى لا املك من امرى شيئا فقد قضى الله عليا ما انا فيه
وانا راضية به ولكنى اطلب من الله ان يقصر عمرى كى
اخفف عنك الحمل فانا لا اريد من زوجتك شيئا
وساغلق عليا باب غرفتى كى لا تضيق بى
وعش انت دون همى يكفيك ما انت فيه من هموم
وصمتت الام واطرقت وهى لا تعلم ماهو قادم الامور
اما الزوجة فقد قالت.. انا زوجة ولست خادمة لامك
لى حقوقى وبيتى ولا اريد من يقاسمنى فيه
فعليك اما ان تأتى بمنزل اخر نحيا فيه
او ترى صرفة لامك فلم اعد احتمل خدمتها
او ان تطلقنى فلا اريد تلك الحياة
هنا تحدث الزوج بعد صمت استمع فيه للطرفان
فنظر لامه بحنان وقال.. اما انتى يا امى فانت صاحبت البيت
وسيدته لك ان تفعلى به ما تشائين فلولاك ما كنت انا
ولا تزوجت تلك البلهاء ولا جعلتها امرأة تحيا وانفق عليها
انت من كنت سببا فى وجودى وبذلتى الجهد والعناء
وضحيتى بحياتك وصحتك من اجل ان اصبح رجلا
لك ان تتربعى على عرش مملكتك الصغيرة ونحن فيها خدمك
تأمرين فنطيع تنادين فنلبى فبك ادخل جنة ربى
واقبل على يد امه فقبلها وطبع قبلة حانية على جبينها
وضمها الى صدره بحنان ورحمة
ثم نظر لزوجته وقال ..
اما انتى وقد سمعتى ما قلت فلك ان تختارى اما البقاء
مع احترام امى وتوقيرها وتحقيق ما تطلب
او تذهبى حيث تريدين فلن اغضب امى وارضيك فتقودينى الى نار الجحيم
ليتك تدركين قيمة تلك العجوز لكنت حملتها فوق رأسك سنين
واعتدل ليبعد عنها وجهه وسكت
ساد الصمت المكان وخيم السكون فوق الرؤوس لحظات
ولكن الام قد استردت انفاسها حين شعرت بولاء ابنها
ولكنها تخشى عناد زوجته وتخشى هدم بيته
وضع الاختيار بين يدى الزوجة
فماذا ستختار ؟
لا ندرى ماذا كان اختيارها
فليس ذلك ما يعنينا
وانما ما يعنينا هو موقف ذلك الابن البار
فقد ضحى من اجل امه
وخشى عقوقها وغضب الجبار