قلب الحياة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قلب الحياة

أعوام من الوجود بعالم الشبكة العنكبوتية
 
الرئيسيةالمستشار الاجتماعي المجانى البوابةدخولالمستشار القانوني المجانيالتسجيلأحدث الصورالعاب اون لاين مجانا

 

 حكاية من كاليفورنيا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
لمياء
 
 
لمياء


احترام قوانين المنتدى احترام قوانين المنتدى : 100 %

الأوســــــمـــــــــــــــــة : وسام الابداع

عدد المساهمات : 6242

نقاط : 15259

السٌّمعَة : 60

تاريخ التسجيل : 17/04/2011

مصرية

الابراج : الدلو

الأبراج الصينية : الحصان

العمل/الترفيه : طالبة *_*

الموقع : في قلب حبيبي

المزاج : عال العال ^_^

تعاليق : يـــــابخـــــتها اللـــى هـــاكـــــون ""انـــــــا"" مــــرات ابـنـــــها ^____*

نوع المتصفح : جوجل كروم


حكاية من كاليفورنيا  Empty
مُساهمةموضوع: حكاية من كاليفورنيا    حكاية من كاليفورنيا  Icon_minitimeالجمعة أغسطس 26, 2011 9:35 pm

أيام كنت شاباً، ذهبت إلى كاليفورنيا باحثاً عن الذهب. والحق أنني لم أجد ما يكفي من الذهب لأصبح ثرياً لكن عزائي كان أنني عثرت على منطقة جميلةٍ اسمها ستانيسلاو.
لست أبالغ إذا قلت أنها جنة الله في الأرض، فتلالها الخضراء الزاهية والعمق الذي يكتنف غاباتها المتشابكة والنسيم العذب الذي يداعب أشجارها تجعلني أخلع عليها هذا اللقب دون تردد.
عندما وطأت قدماي تراب ستانيسلاو، بدا لي جلياً أن ثمة من سبقني إليها قبل أمد بعيد، فقد أنشئت في واديها بلدةٌ متكاملةٌ ينطق كل ما فيها من الأرصفة والمخازن والبنوك والمدارس والمنازل التي بناها عمال المناجم لأسرهم بلسان المدنية.
لقد أجزلت تلال ستانيسلاو لضيوفها العطاء ومنحتهم الكثير من الذهب بادئ الأمر، ثم ما لبث حظهم أن عثر بعد بضع سنين، فكان أن إختفى الذهب واختفوا هم بدورهم معه، بحيث أنني عندما وصلت، رأيت الشوارع مغطاة بالأعشاب والمنازل الصغيرة تختفي خلف أكوام من شجيرات الأزهار البرية.
كانت أصوات الحشرات تملأ أرجاء البلدة الخالية اللهم إلا مني، نعم، دار في خلدي في ذلك اليوم الصيفي أنني الكائن البشري الوحيد على هذه البقعة، لكنني سرعان ما اكتشفت زيف تخيلاتي وأنني لم أكن لوحدي، فهذا رجل يقف في باب أحد المنازل وهو يبتسم لي.
لم يكن منزله ليشبه باقي المنازل، فهو غير مغطى بشجيرات الأزهار البرية وإنما تزين واجهته حديقة صغيرة جميلة تملؤها الزهور الحمراء والزرقاء، والستائر البيضاء المعلقة على نوافذه يعبث بها النسيم جيئةً وذهاباً.
وهو لا يزال مبتسماً، فتح الرجل باب منزله وأشار لي بالدخول، وفعلاً، دلفت إلى الداخل فرأت عيناي ما لم أكد أصدق، وأنى لي هذا وقد ألفت منذ أسابيع خلت تفاصيل الحياة القاسية في مخيمات عمال المناجم، فكم افترشنا الأرض الصلبة وسائد للنوم وكم أكلنا الفاصوليى المعلبة باردةً وكم قضينا من أيام وأيام سعياً محموماً وراء الذهب.
هنا في هذا البيت الصغير، شعرت وكأن روحي بعثت من جديد، فالسجاد بألوانه الزاهية أخذ مكانه بعناية على الأرضية الخشبية البراقة، والصور إحتلت جميع جدران الغرفة، والمناضد الصغيرة ازدانت بالكتب والأصداف البحرية والمزهريات الصينية المليئة بالزهور.
قلت في نفسي: لا شك أن من رتب هذا المكان إمرأة.
قال الرجل مبتسماً وكأنه لم يقرأ تعابير الإعجاب التي باتت واضحةً على وجهي فحسب، وإنما تعداها ليقرأ أفكاري: نعم، هي من قام بهذا كله، لقد وضعت لمساتها على كل شيء هنا.
إذ ذاك لاحظَ أن إحدى الصور لم تكن معلقةً بشكل صحيح، فسارع إلى تثبيتها في مكانها ثم أخذ يقترب منها تارة ويبتعد أخرى للتأكد من كونه ثبتها بالشكل المطلوب.
قال وهو بالكاد يلمس الصورة: لقد اعتادت فعل ذلك... تصور أنها تلمس الأشياء بحنان تماماً كما تلامس الأم شعر طفلتها بعد أن آذتها الفرشاة... كثيراً ما رأيتها توضب المكان بهذا الشكل لدرجة أنني أصبحت أقلدها... لست أدري لماذا أفعل هذا، لكنني أفعله ليس إلا.
بينما كان يتحدث، أدركت أنه يريدني أن أكتشف شيء ما في الغرفة، فكان له ما أراد.
ما إن وقع نظري على إحدى الزوايا قرب المدفأة، انفجر ضاحكاً وأخذ يفرك يديه بشدة وهو يهتف مسروراً: ها هي ذي! لقد وجدتها يا رجل! كنت أعرف إنك سوف تفعلها! نعم، هذه صورتها.
اتجهت صوب رف أسود صغير يحمل في ثناياه صورة صغيرة لأنثى لم يسبق وأن رأيت أنثى بجمالها، كانت تعابير وجهها تفصح عن جمال ورقة منقطعتَي النظير.
أخذ الرجل الصورة من بين يدي وبدأ يحدق بها قائلاً: لقد ألتقطت لها هذه الصورة في عيد ميلادها التاسع عشر، وقد تزوجنا يومها... هلا إنتظرت بعض الوقت لأعرفك عليها!
سألته: أين هي الآن؟
قال وهو يعيد الصورة إلى مكانها وقد انطلقت من أعماقه تنهيدة: آه! إنها في مكان بعيد، ثم أردف قائلاً: لقد ذهبت منذ أسبوعين لزيارة.والديها اللذان يقيمان على بعد أربعين أو خمسين ميلاً من هنا.
سألته: متى ستعود؟
أجابني: اليوم هو الأربعاء، حسناً، ستكون هنا بحلول مساء السبت القادم.
نادماً قلت: آسف، لا بد أن أذهب قبل هذا التاريخ.
رد وقد بانت عليه علامات التعجب: تذهب! ولماذا يجب أن تذهب؟ لا تذهب! فسوف يحزنها ذهابك... ألا ترى إنها تحب أن يزورنا الناس ويقيمون معنا.
قلت بشيء من الحدية: كلا، لا بد لي من المغادرة.
التقط الصورة من على الرف ووضعها أمامي قائلاً: أخبرها الآن صراحةً أنك كنت تستطيع البقاء للتعرف عليها لكنك لم تفعل.
شيء ما جعلني أغير رأيي وأنا أنظر إلى صورتها للمرة الثانية، فقررت البقاء.
أخبرني أن اسمه هنري، تحدثنا طوال الليل بمواضيع شتى إلا أنها كانت صلب كل تلك المواضيع.
مر نهار الخميس سريعاً، حتى إذا جاء المساؤ، زارنا رجل عجوز ضخم الجثة بدا أنه عامل مناجم اسمه توم.
قال توم: وصلت لتوي لأسألك متى ستعود؟ هل من جديد؟
أجاب هنري: نعم! نعم! لقد وصلتني رسالة منها، هل ترغب بالاستماع لها؟ ثم سارع بإخراج ورقة صفراء قديمة من جيب قميصه وأخذ يقرؤ رسالةً إنطوت على الكثير من تعابير الحب لهنري ولأصدقائه المقربين وحتى للجيران.
بعد أن فرغ هنري من قراءة الرسالة، التفت إلى توم الذي تمردت دموعه على محجريه مخاطباً إياه: يا إلاهي! لقد فعلتها مرة أخرى يا توم! لماذا تبكي كل ما قرأت رسالة من رسائلها؟ تأكد أنني سأخبرها الآن!
رد الرجل العجوز: كلا، لا تفعل يا هنري، لا تؤاخذني! فلقد كبرت وقليل من الحزن كفيل أن يبكيني، حقاً تمنيت لو أنها معنا الليلة!
في اليوم التالي، حل علينا ضيف آخر اسمه جو.
طلب جو من هنري أن يقرأ له تلك الرسالة، فأخذ بالبكاء كما حصل مع صديقه توم وهو يقول: جميعنا نفتقدها يا هنري.
وأخيراً جاء يوم السبت، فوجدت نفسي يومها أطيل النظر في ساعتي الأمر الذي لاحظه هنري، فقال: تعتقد أن مكروهاً قد أصابها؟ أليس كذلك؟
قلت مبتسماً: لا أبداً، أعتقد أنها على ما يرام. لكنه لم يكن مقتنعاً بكلامي.
عند حلول المساء، غادر صديقا هنري البيت، ثم عادا بعد قليل مصطحبين معهما قيثارتين وزهور وزجاجة كحول.
وضع الرجلان الزهور في المزهريات وأمسكا قيثارتيهما وانطلقا يعزفان بعض أغاني الفرح الراقصة وهما يسقيان هنري كؤوس الخمر الواحد تلو الآخر حتى أوصلاه إلى درجة الثمالة.
عندما وصلت يدي إلى أحد الكأسين الأخيرين، همس توم في أذني وهو يمسكني من ذراعي: دع عنك هذا وخذ الآخر!
على وقع أجراس الساعة التي أعلنت إنتصاف الليل، دفع توم بآخر الكؤوس إلى هنري الذي أفرغه في جوفه، فأخذ وجهه بالشحوب أكثر فأكثر وهو يتمتم: أشعر أنني متعب وأريد أن أذهب إلى الفراش.
لم تكد هذه الكلمات تخرج من فم هنري، حتى غط في نوم عميق، سارع صديقاه إلى رفعه وحمله إلى غرفة النوم ثم عادا إلي بعد أن أوصدا الباب خلفهما.
بديا وكأنهما يستعدان للمغادرة، عندها قلت لهما: رجاءاً لا تذهبا يا سادة! أنا غريب وسوف لن تعرفني عندما تأتي!
حدق الرجلان في بعضهما ثم قال توم: لقد توفيت زوجته منذ تسعة عشر سنة.
همست بتعجب: ماذا؟ متوفية!
رد توم: فما بالك بما هو أسوأ؟ ثم أضاف: بعد مرور ستة أشهر على زواجها، ذهبت ذات يوم لزيارة والديها، وفي طريق العودة، وتحديداً في مثل هذا المساء، قبض عليها الهنود على مقربة من هذه البلدة، فاختفت منذ ذلك الحين، الأمر الذي أفقد هنري صوابه، فهو يعتقد أنها لا تزال على قيد الحياة ومع مجيء شهر حزيران من كل عام، تراوده ذكراها ويظن أنها ما تزال مسافرةً إلى بيت والديها، فيعمد لانتظارها. نأتي لزيارته في هذا الوقت من كل عام، فيخرج تلك الرسالة القديمة ويقرؤها لنا. وفي مثل هذا المساء، حيث يفترض أنها ستعود إلى البيت، نضع في شرابه بعض المنوم ، وما إن تطلع عليه شمس الغد حتى يكون على ما يرام إلى أن يحل العام القادم.
قال جو وهو يرفع قبعته وقيثارته من على الطاولة: لقد إعتدنا فعل هذا منذ تسعة عشر سنة خلت، ثم أضاف: كنا في السنة الأولى سبع وعشرون وها نحن اليوم إثنان لا غير. ثم فتح باب البيت واختفا مع توم في ظلام ستانيسلاو الحالك.

ودي لكم ,..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://qalapalhaya.ahlamountada.com/
 
حكاية من كاليفورنيا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حكاية التفاحة
» حكاية فى قمة الروعة
» حكاية من الخيال..معناها يفوق الجمال

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
قلب الحياة :: عـالـم الـحـيــاة الثـــقــافى ألادبــــى :: قسم الأدب العربى :: قصص قصيرة-
انتقل الى:  
أختر لغة المنتدى من هنا

قلب الحياة

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الأن بتوقيت (مصر)
جميع الحقوق محفوظة لـقلب الحياة
 Powered by Aseer Al Domoo3 ®https://qalapalhaya.ahlamountada.com
حقوق الطبع والنشر©2011 - 2010