بين ترفية الجسد وتعقيد الروح

يقولون كلما ترفّه الجسد تعقّدت الروح ! ونحن نقول كفانا الله شر التعقيد وبخاصة تعقيد الروح !

تتعقد الروح بسبب تكاثر الشوائب المادية الطينية العالقة بها فيتعكر صفاؤها وتتراجع درجة نقائهالوجود طبقة عازلة تحجب عنها رؤية الحقيقة مانعة إياها من التفاعل معها ، فالإستنارة لها شروط تتمثل بوجود روح شفافة قادرة على إختراق الظلام والظلمات دون أن يتأثر نقاؤها أو يتراجع صفاؤها ..

وتحصيل حاصل فاضمحلال الرؤية تؤدي إلى الضياع في أجَمات الحياة المتشابكة ، وحتى لو عثرت الروح على دربها في المتاهات الحياتية ، تبقى إحتمالية تعثرها وسقوطها كبيرة بسبب عسر في الرؤية .. وما أصعب السقوط !

فالتعثر الجزئي الذي لا يوقعنا أرضا أهون من السقوط الكلي فنتائج الأول يتم إختصارها وتجاوزها بسهولة وبأقل الخسائر الممكنة ، إلا أن نتائج السقوط الكلي مبرحة للغاية ويصعب بعدها لملمة الشظايا وإعادتها وحدة متكاملة ، وهنا تصاب الروح بالأذى والمرض وقد تذبل وتجف حتى لا يعود لها وجود .. فيغدو صاحبها أعزل بعد أن يصبح كائنا بلا روح !

ومن أجل الإبقاء على إنسانية الإنسان فإن أجسادنا تحتاج إلى الخضوع لسلسلة من التدريبات الجسمية والروحية لتكون فاعلة نشطة قادرة على التقرب من الله والعباد والخلق جميعهم ..

فمثلا ركوب السيارات المستمر وإهمال المشي وإستعمال القدمين يؤدي إلى ثقل في الجسد يتبعه ثقل آخر في الروح ، وكذلك الأمر في عدم القيام بنشاط جسمي لإعتمادنا على الآلات والأجهزة وعلى المساعدة البشرية من الآخرين ، كلها برمتها تخرج بمحصلة نهائية تؤدي إلى الكسل والخمول والتثاقل في الجسد والروح ، وما اصعب أن تتعب الروح وتثقل !

وهذا لا يعني بأن نتعب أجسادنا ليلا ونهارا في معمعة متواصلة من الشقاء المستعر مخضعينه لسلسلة من العمل والعبادات والتدريبات الروحية والجسدية المتواصلة ، دون منحه فرصة للراحة والإستمتاع بجماليات الحياة ، وإنما الهدف الأسمى هو الخروج بمحصلة نهائية لهذه الرياضات التي نفرضها عليه بتوازن معقول يؤدي إلى النتائج المرجوة ..

والصيام يعتبر تدريب الجسد على تحمل الجوع والعطش فينعكس هذا التنظيم الجسدي على تنقية الروح من الشوائب الفائضة إستعدادا للوصول لمرحلة اليقظة والإستنارة .. وهو وسيلة لضبط الجسد والنفس.. ولترويض الجسد والروح ليصبح الإنسان في حالة يقظة وحالة انتباه وهو ما يطلق عليها مرحلة الإستنارة حيث تجعله متنبها متيقظا قادرا على الإستقبال والإرسال.. ولهذا يُعتبر الصوم مثل الشمس لأنه يزيل شيئا فشيئا الضباب. فتضمحل غشاوة النفس» وتسطع الحقيقة ..وما أبهى الحقيقة وما أعظمها !

صحيح أن أجسادنا لها حقوق ، ولكن المشكلة أن ينصب تركيز الإنسان على ترفيه الجسد بكل ما تعني هذه الكلمة عبر إغراقه بكل ما لذ وطاب من الغذاء وأفخر أنواع اللباس وآخر صرعات العناية حتى التخمة ..

ونحن نذكر المنكبين على ترفيه الجسد بكافة العناصر الممكنة سعيا للجمال بأن الجمال الحقيقي هو جمال النفس النابع من توازن الجسد مع الروح ..

وصدق من قال :»عندما يدرك الإنسان مفهوم الجمال ، يدرك مفهوم القبح ، وكذلك حينما يدرك مفهوم الخير ، ينكشف له مفهوم الشر ، وكذلك الصعب والسهل ، العالي والسفلي «..

فهذا الإدراك الناجم عن تفاعل اليقظة والإنتباه إلى حد الوصول لمرحلة الإستنارة هو القادر على التمييز بين الشيء وعكسه من أجل الوصول لحالة من التوازن المطلوب .. وهذا هو المطلوب !

جميل جدا موضوعك يا عاشقة الظلام

بجد انتى بنوتة تحفة وغيابك عن الموقع ماثر علينا كلنااااااااااااااا

بانتظار عودتك

» فك رموز لغة الجسد..
» شرنقة الجسد‮ الفقراء ‮ ‬يخسرون مرتين‮!‬
» الاستغفار...حياة الروح