اشعار وقصائد الحارث المخزومي

فَضَحتُم قُرَيشاً بِالفِرارِ وَأَنتُمُ = قُمُدّونَ سودانٌ عِظامُ المَناكِبِ
فَأَمّا القِتالُ لا قِتالَ لَديكُمُ = وَلَكِنَّ سَيراً في عِراضِ المَواكِبِ

فَإِن تَنجُ مِنها يا أَبانُ مُسَلَمّاً = فَقَد أَفلَتَ الحَجّاجَ خَيلُ شَبيبِ
وَكادَ غَداةَ الدَيرِ يُنفِذُ حِضنَهُ = غُلامٌ بِطَعنِ القِرنِ جِدُّ طَبيبِ

لَولا الَّذي حُمِّلتُ مِن حُبِّكُم = لَكانَ في إِظهارِهِ مَخرَجُ
أَو مَذهَبٌ في الأَرضِ ذو فُسحَةٍ = أَجَل وَمَن حَجَّت لَهُ مَذحجُ

رُبَّ مُستَنصَحٍ يَغُشُّ ويُردي = وَظَنينٍ بِالغَيبِ يُلفى نَصيحاً

أَحَقاً أَنَّ جيرَتَنا استَحَبّوا = حُزونَ الأَرضِ بِالبَلَدِ السَخاخِ
إِلى عُقرِ الأَباطِحَ مِن ثَبيرٍ = إِلى ثَورٍ فمَدفَعٍ ذي مُراخِ

هَلّا صَبَرتُم بَني السوداء أَنفُسَكُم = حَتّى تَموتوا كَما ماتَت بَنو أَسَدِ
حامَت بَنو أَسَدٍ عَن مَجدِ أَوَّلِها = وَأَنتُمُ كَنَعامِ القَاعَةِ الشُّرُدِ

أَلا قُل لِذاتِ الخالِ يا صاحِ في الخَدِّ = تَدومُ إِذا بانَت عَلى أَحسَنِ العَهدِ
وَمِنها عَلاماتٌ بِمَجرى وِشاحِها = وَأُخرى تَزينُ الجيدَ مِن مَوضِعِ العِقدِ

لَقَد أَرسَلَت في السِرِّ لَيلى تَلومُني = وَتَزعُمُني ذا مَلَّةٍ طَرِفاً جَلدا
وَقَد أَخلفَتنا كُلَّ ما وَعَدَت بِهِ = وَوَاللَه ما أَخلَفتُها عامِداً وَعدا

حَسِبتُ نَضلَ الحارِثِ بنِ خالِدِ
مَشيَكَ بَينَ الزَربِ وَالمَرابِدِ

ما ضَرَّكُم لَو قُلتُمُ سَدَداً = إِنَّ المَنيَّةَ عاجِلٌ غَدُها
وَلَها عَلَينا نِعمَةٌ سَلَفَت = لَسنا عَلى الأَيامِ نَجحَدُها

لِبشرَةَ أَسرى الطَيفُ وَالخَبتُ دونَها = وَما بَينَنا مِن حَزنِ أَرضِ وبيدِها
وَقَرَّت بِها عَيني وَقَد كُنتُ قَبلَها = كَثيراً بُكائي مُشفِقاً مِن صُدودِها

عَليَّ لإِخواني رَقيبٌ مِنَ الصَفا = تَبيدُ الليّالي وَهوَ لَيسَ يَبيدُ
يُذَكِرُنيِهم في مَغيبٍ وَمَشهَدٍ = فَسيّان عِندي غُيَّبٌ وَشُهودُ

يا لَيتَ شِعري وَكَم مِن مُنيةٍ قُدِرَت = وِفقاً وَأُخرى أَتى مِن دونِها القَدَرُ
وَمُضمَرِ الكَشحِ يَطويهِ الضَجيعُ لَهُ = طَيَّ الحِمالَةِ لا جافٍ وَلا فَقِرُ

إِلى طَرَفِ الجِمارِ وَما يَليها = إِلى ذاتِ القَتادةِ مِن ثَبيرِ

أَعَرفتَ أَطلالَ الرُسّومِ تَنَكَّرَت = بَعدي وبُدِّلَ آيهُنَّ دُثورا
وَتَبدَّلَت بَعدَ الأَنيسِ بِأَهلِها = عُفراً بواغِمَ يَرتَعينَ وُعورا

إِنَّ امرأَ تَعتادُهُ ذِكَرٌ = مِنها ثَلاثُ مِنىً لَذو صَبرِ
وَمَواقِفٌ بِالمَشعَرَينِ لَها = وَمَناظِرُ الجَمَراتِ والنَحرِ

يا عَمروِ حُمَّ لِقاؤُكُم عَمرا

أَمِن طَلَلِ بِالجِزعِ مِن مَكَّةَ السِدرِ = عَفا بَينَ أَكنافِ المُشَقَّرِ فالحَضرِ
ظَلِلتُ وَظَلَّ القَومُ مِن غَيرِ حاجَةٍ = لَدُن غُدوَةٍ حَتّى دَنَت حَزَّةُ العَصرِ

لِمَن الديارُ رُسومُها قَفرُ = لَعِبَت بِها الأَرواحُ وَالقَطرُ
وَخَلا لَها مِن بَعدِ ساكِنِها = حِجَجٌ مَضَينَ ثَمانٍ أَو عَشرُ

تَغَلغَلَ حُبُّ عَثمَةَ في فُؤادي = فَباديهِ مَعَ الخافي يَسيرُ

غَرثانُ سِمطُ وِشاحِها قَلِقٌ = رَيّانُ مِن أَردافِها المِرطُ

أَرِقتُ لَهُ لَيلَ التمامِ وَدونَهُ = مَهامِهُ مَومَاةٍ وَأَرضٌ بَلاقِعُ

أَطافَت بِنا شَمسُ النَهارِ وَمَن رأَى = مِنَ الناسِ شَمساً بِالعِشاءِ تَطوفُ
أَبو أُمِّها أَوفى قُرَيشٍ بِذِمَّةٍ = وَأَعمامُها إِمّا سَأَلتَ ثَقيفُ

زَعَموا بِأَنَّ البَينَ بَعدَ غَدٍ = فالقَلبُ مِمّا أَحدَثوا يَجِفُ
والعَينُ مُنذ أُجِدَّ بَينُهمُ = مِثلَ الجُمانِ دُموعُها تَكِفُ

ظَعَنَ الأَميرُ بِأَحسَنِ الخَلقِ = وَغَدا بِلُبِّكَ مَطلَعَ الشَرقِ
مَرَّت عَلى قَرَنٍ يُقادُ بِها = تَعدو أَمامَ بَراذِنٍ زُرقِ

أَسَنا ضَوءِ نارِ ضَمرَة بِالقَف = رَةِ أَبصَرتَ أُم سَنا ضَوءِ بَرِق
قاطِناتُ الحَجونِ أَشهى إِلى قَل = بي مِن ساكِناتِ دورِ دِمَشقِ

بانَ الخَليطُ الَّذي كُنّا بِهِ نَثِقُ = بانوا وَقَلبُكَ مَجنَونٌ بِهِم عَلِقُ
تُنيلُ نَزراً قَليلا وَهيَ مُشفِقَةٌ = كَما يَخافُ مَسيسَ الحَيَّةِ الفَرِقُ

عَفَت الدِيارُ فَما بِها أَهلُ = حِزَّانُها وَدِماثُها السَهلُ
تُذري الرَوامِسُ ما استَخَفَّ لَها = وَجَرى بِتُربِ عِزازِها الوَبلُ

لا كوفَةٌ أُمّي وَلا بَصرَةٌ أَبي = وَلَستُ كَمَن يَثنيهِ عَن وَجهِهِ الكَسَل

فَوَدِدتُ إِذ سَحَطوا وَشَطَّ مَزارُهُم = وَعَدَتهُمُ عَنّا عَوادٍ تَشغَلُ

» الحارث المخزومي
» مختارات من اشعار احمد شوقــــــــي **